في الدنيا ـ فقال له النبي صلىاللهعليهوآله ألا قلت اللهم ( آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ ) فقالها الرجل فكأنما نشط من عقال وقام صحيحا وخرج معنا.
ولقد أتاه رجل من جهينة أجذم يتقطع من الجذام فشكا إليه صلىاللهعليهوآله فأخذ قدحا من ماء فتفل عليه ثم قال امسح جسدك ففعل فبرأ حتى لم يوجد عليه شيء ـ ولقد أتي النبي بأعرابي أبرص فتفل صلىاللهعليهوآله من فيه عليه فما قام من عنده إلا صحيحا.
ولئن زعمت أن عيسى أبرأ ذا العاهات من عاهاتهم فإن محمدا صلىاللهعليهوآله بينما هو في أصحابه إذ هو بامرأة فقالت يا رسول الله إن ابني قد أشرف على حياض الموت كلما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب فقام النبي صلىاللهعليهوآله وقمنا معه فلما أتيناه قال له جانب يا عدو الله ولي الله فأنا رسول الله فجانبه الشيطان فقام صحيحا وهو معنا في عسكرنا.
ولئن زعمت أن عيسى أبرأ العميان فإن محمدا قد فعل ما هو أكبر من ذلك إن قتادة بن ربيع كان رجلا صحيحا فلما أن كان يوم أحد أصابته طعنة في عينه فبدرت حدقته (١) فأخذها بيده ثم أتى بها إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال يا رسول الله إن امرأتي الآن تبغضني فأخذها رسول الله من يده ثم وضعها مكانها فلم تكن تعرف إلا بفضل حسنها وفضل ضوئها على العين الأخرى ولقد جرح عبد الله بن عبيد (٢) وبانت يده يوم حنين فجاء إلى النبي صلىاللهعليهوآله فمسح عليه يده فلم تكن تعرف من اليد الأخرى ـ ولقد أصاب محمد بن مسلم يوم كعب بن أشرف مثل ذلك في عينه ويده فمسحه رسول الله صلىاللهعليهوآله فلم تستبينا ولقد أصاب عبد الله بن أنيس مثل ذلك في عينه فمسحها فما عرفت من الأخرى فهذه كلها دلالة لنبوته صلىاللهعليهوآله.
قال له اليهودي فإن عيسى يزعمون أنه أحيا ( الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ )؟
قال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد سبحت في يده تسع حصيات تسمع نغماتها في جمودها ـ ولا روح فيها لتمام حجة نبوته ولقد كلمه الموتى من بعد موتهم واستغاثوه مما خافوا تبعته ولقد صلى بأصحابه ذات يوم فقال ما هاهنا من بني النجار أحد وصاحبهم محتبس على باب الجنة بثلاثة دراهم لفلان اليهودي وكان شهيدا ولئن زعمت أن عيسى كلم الموتى فلقد كان لمحمد ما هو أعجب من هذا إن النبي لما نزل بالطائف وحاصر أهلها بعثوا إليه بشاة مسلوخة مطلية بسم فنطق الذراع منها فقالت يا رسول الله لا تأكلني فإني مسمومة فلو كلمته البهيمة وهي حية لكانت من أعظم حجج الله على المنكرين لنبوته فكيف وقد كلمته من بعد ذبح وسلخ وشي (٣).
ولقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يدعو بالشجرة فتجيبه ـ وتكلمه البهيمة وتكلمه السباع وتشهد له بالنبوة وتحذرهم عصيانه فهذا أكثر مما أعطي عيسى عليهالسلام.
__________________
(١) الحدقة : سواد العين الأعظم.
(٢) في بعض النسخ « بن عتيك ».
(٣) أي : من بعد ما صار مشويا مطبوخا.