يدرس في سلطانه الحق ويظهر الباطل ويقتل من ناواه على الحق ويدين من والاه على الباطل فكذلك حتى يبعث الله رجلا في آخر الزمان وكلب من الدهر (١) وجهل من الناس يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره وينصره بآياته ويظهره على أهل الأرض حتى يدينوا طوعا وكرها يملأ الأرض قسطا وعدلا ونورا وبرهانا يدين له عرض البلاد وطولها لا يبقى كافر إلا آمن به ولا طالح إلا صلح وتصطلح في ملكه السباع وتخرج الأرض نبتها وتنزل السماء بركتها وتظهر له الكنوز يملك ما بين الخافقين أربعين عاما؟ فطوبى لمن أدرك أيامه وسمع كلامه
وعن الأعمش (٢) عن سالم بن أبي الجعد (٣) قال : حدثني رجل منا قال : أتيت الحسن بن علي عليهالسلام فقلت يا ابن رسول الله أذللت رقابنا وجعلتنا معشر الشيعة عبيدا ما بقي معك رجل؟
قال ومم ذاك؟ قال قلت بتسليمك الأمر لهذا الطاغية.
قال والله ما سلمت الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصارا ولو وجدت أنصارا لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكم الله بيني وبينه ولكني عرفت أهل الكوفة وبلوتهم ولا يصلح لي منهم من كان فاسدا إنهم لا وفاء لهم ولا ذمة في قول ولا فعل إنهم لمختلفون ويقولون لنا إن قلوبهم معنا وإن سيوفهم لمشهورة علينا قال وهو يكلمني إذ تنخع الدم فدعا بطست فحمل من بين يديه مليء مما خرج من جوفه من الدم.
فقلت له ما هذا يا ابن رسول الله ص؟ إني لأراك وجعا.
قال أجل دس إلي هذا الطاغية من سقاني سما فقد وقع على كبدي وهو يخرج قطعا كما ترى.
قلت أفلا تتداوى؟
قال قد سقاني مرتين وهذه الثالثة لا أجد لها دواء ولقد رقي إلي أنه كتب إلى ملك
__________________
(١) الكلب : شبيه بالجنون.
(٢) الأعمش : أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي ، مولاهم الكوفي ، معروف بالفضل والثقة والجلالة والتشيع والاستقامة ، والعامة أيضا يثنون عليه ، مطبقون على فضله وثقته ، مقرون بجلالته ، مع اعترافهم بتشيعه ، وقرنوه بالزهري ، ونقلوا منه نوادر كثيرة ، بل صنف ابن طولون الشامي كتابا في نوادره سماه : « الزهر الأنعش في نوادر الأعمش » مات سنة (١٤٨).
راجع الكني والألقاب ج ٢ ص ٣٩ رجال الشيخ ص ٢٠٦.
(٣) عده الشيخ ص ٤٣ من رجاله في أصحاب علي عليهالسلام وص ٩١ في ـ أصحاب علي بن الحسين عليهماالسلام فقال : « سالم بن أبي الجعد الأشجعي مولاهم الكوفي يكنى أبا أسماء » وذكره العلامة في القسم الأول من خلاصته ص ١٩٣ في أولياء علي عليهالسلام.