الجنة أرفع الدرجات فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى.
قال قلت يا ابن رسول الله فما معنى الخبر الذي رووه أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله؟
فقال عليهالسلام يا أبا الصلت فمن وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر ولكن وجه الله أنبياؤه ورسله وحججه عليهم صلوات الله هم الذين بهم يتوجه إلى الله عز وجل وإلى دينه ومعرفته فقال الله عز وجل ( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ. وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) (١) وقال الله عز وجل ( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) (٢) فالنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه عليهمالسلام في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين وقد قال النبي صلىاللهعليهوآله من أبغض أهل بيتي وعترتي لم يرني ولم أره يوم القيامة (٣) وقال صلىاللهعليهوآله إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني (٤) يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولا يدرك بالأبصار والأوهام.
قال فقلت له يا ابن رسول الله فأخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقان؟
قال نعم وإن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد دخل الجنة ورأى النار لما عرج به إلى السماء.
قال فقلت له إن قوما يقولون إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين؟
فقال ما أولئك منا ولا نحن منهم من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي صلىاللهعليهوآله وكذبنا وليس من ولايتنا على شيء ويخلد في نار جهنم قال الله عز وجل ( هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ. يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ) (٥) وقال النبي صلىاللهعليهوآله لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليهالسلام فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة عليهاالسلام ففاطمة حوراء إنسية فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة (٦)
وقال الرضا عليهالسلام في قول الله عز وجل ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ) (٧) قال يعني مشرقة تنتظر ثواب ربها
__________________
(١) الرحمن ـ ٢٧.
(٢) القصص ـ ٨٨.
(٣) راجع ذخائر العقبى ص ٢ وينابيع المودة ج ٢ ص ٣٠٥.
(٤) راجع نفس المصدر السابق
(٥) الرحمن ـ ٤٣.
(٦) في ينابيع المودة ص ١٩٧ عن عائشة قالت. قلت يا رسول الله ما لك إذا جعلت لسانك في فيها كأنك تريد أن تلعقها عسلا؟ قال : لما أسري بي إلى السماء أدخلني جبرائيل الجنة فناولني تفاحة فأكلتها ، فصارت نطفة في ظهري ، فلما نزلت من السماء واقعت خديجة ففاطمة من تلك النطفة فكلما اشتقت إلى تلك التفاحة قبلتها ، ثم قال : أخرجه أبو سعد في شرف النبوة وفيه أيضا عن ابن عباس كان النبي صلىاللهعليهوآله وسلم يكثر القبلة لفاطمة ، فقالت له : إنك تكثر تقبيل فاطمة؟ : فقال : إن جبرئيل أدخلني الجنة ليلة اسري بي إلى السماء فأطعمني من جميع ثمارها ، فصارت ماء في صلبي فحملت خديجة بفاطمة » فاذا اشتقت إلى تلك الثمار ، قبلت فاطمة فأصبت من تقبيلها رائحة جميع تلك الثمار التي أكلتها. ثم قال : أخرجه أبو الفضل بن خيرون.
(٧) القيامة ـ ٢٣.