وأما قوله عز وجل ( وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ ) (١) فليس ذلك على سبيل تحريم الإيمان عليها ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلا بإذن الله وإذنه أمره لها بالإيمان بما كانت مكلفة متعبدة بها وإلجاؤه إياها إلى الإيمان عند زوال التكلف والتعبد عنها.
فقال المأمون فرجت عني فرج الله عنك فأخبرني عن قول الله عز وجل : ( الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) (٢).
فقال إن غطاء العين لا يمنع من الذكر والذكر لا يرى بالعين ولكن الله عز وجل شبه الكافرين بولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام بالعميان لأنهم كانوا يستثقلون قول النبي صلىاللهعليهوآله فيه ولا يستطيعون له سمعا.
فقال المأمون فرجت عني فرج الله عنك.
وعن عبد العظيم بن عبد الله الحسني رضي الله عنه (٣) عن إبراهيم بن أبي محمود (٤) قال : سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن قول الله عز وجل : ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ ) (٥) فقال إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه ولكنه متى علم أنهم لا يرجعون عن الكفر والضلال منعهم المعاونة واللطف وخلى بينهم وبين اختيارهم.
قال وسألته عن قول الله عز وجل : ( خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ ) (٦).
قال الختم هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم كما قال عز وجل ( بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ) (٧).
قال وسألته عن الله عز وجل هل يجبر عباده على المعاصي؟
قال لا بل يخيرهم ويمهلهم حتى يتوبوا.
قلت فهل يكلف عباده ما لا يطيقون؟
فقال كيف يفعل ذلك وهو يقول ( وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ) (٨).
__________________
(١) آل عمران ـ ١٤٥
(٢) الكهف ـ ١٠٢.
(٣) أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب « عليهالسلام » زاهد عابد ذو ورع ودين ، معروف بالأمانة وصدق اللهجة عالم بأمور الدين كثير الحديث والرواية ، يروي عن الامامين الجواد والعسكري « عليهماالسلام » ، ولهما إليه الرسائل ، ويروي عن جماعة من أصحاب موسى ، بن جعفر وعلي بن موسى « عليهالسلام » له كتاب يسميه كتاب : « يوم وليلة » وله كتاب : « خطب أمير المؤمنين « عليهالسلام » وقد كتب الصاحب بن عباد رسالة مختصرة في أحوال عبد العظيم أوردها صاحب المستدرك في خاتمة المستدرك راجع الجزء الثاني من سفينة البحار ص ١٢٠ ، وخلاصة العلامة ص ١٣٠.
(٤) مرت ترجمته.
(٥) البقرة ١٧.
(٦) البقرة : ٧.
(٧) النساء. ١٥٤.
(٨) حم السجدة : ٤٦.