لأولياء الله على أعداء الله ونزوله بفضائل علي عليهالسلام ولي الله من عند الله ( فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ ) فإن جبرئيل نزل هذا القرآن ( عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ ) من سائر كتب الله : ( وَهُدىً ) من الضلالة : ( وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ ) (١) بنبوة محمد وولاية علي عليهالسلام ومن بعده من الأئمة الاثني عشر بأنهم أولياء الله حقا إذا ماتوا على موالاتهم لمحمد وعلي وآلهما الطيبين.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله يا سلمان ـ إن الله صدق قولك ووافق رأيك وإن جبرئيل عن الله تعالى يقول يا محمد سلمان والمقداد أخوان متصافيان في ودادك ووداد علي أخيك ووصيك وصفيك وهما في أصحابك كجبرئيل وميكائيل في الملائكة عدوان لمن أبغض أحدهما وليان لمن والى محمدا وعليا عدوان لمن عادى محمدا وعليا وأولياءهما ولو أحب أهل الأرض سلمان والمقداد كما تحبهما ملائكة السماوات والحجب والكرسي والعرش لمحض ودادهما لمحمد وعلي وموالاتهما لأوليائهما ومعاداتهما لأعدائهما لما عذب الله أحدا منهم بعذاب البتة.
وقال أبو محمد الحسن العسكري عليهالسلام : لما نزلت هذه الآية ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) (٢) في حق اليهود والنواصب فغلظ على اليهود ما وبخهم به رسول الله فقال جماعة رؤسائهم وذوي الألسن والبيان منهم يا محمد إنك تهجونا وتدعي على قلوبنا ما الله يعلم منها خلافه إن فيها خيرا كثيرا نصوم ونتصدق ونواسي الفقراء.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله إنما الخير ما أريد به وجه الله وعمل على ما أمر الله تعالى وأما ما أريد به الرياء والسمعة ومعاندة رسول الله وإظهار الغنى له والتمالك والتشرف عليه فليس بخير بل هو الشر الخالص ووبال على صاحبه ويعذبه الله به أشد العذاب.
فقالوا له يا محمد أنت تقول هذا ونحن نقول بل ما ننفقه إلا لإبطال أمرك ودفع رئاستك ولتفريق أصحابك عنك وهو الجهاد الأعظم نأمل به من الله الثواب الأجل العظيم فأقل أحوالنا أنك تساوينا في الدعاوي فأي فضل لك علينا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله يا إخوة اليهود إن الدعاوي يتساوى فيها المحقون والمبطلون ولكن حجج الله ودلائله تفرق بينهم فتكشف عن تمويه المبطلين وتبين عن حقائق المحقين ورسول الله محمد لا يغتم بجهلكم ولا يكلفكم التسليم له بغير حجة ولكن يقيم عليكم حجة الله التي لا يمكنكم دفاعها ولا تطيقون الامتناع عن موجبها ولو ذهب محمد ويريكم آية من عنده لشككتم وقلتم إنه متكلف مصنوع محتال فيه معمول أو متواطأ عليه وإذا اقترحتم أنتم فأراكم ما تقترحون لم يكن لكم أن تقولوا معمول أو متواطأ عليه أو متأت بحيلة أو مقدمات فما الذي تقترحون فهذا رب العالمين قد وعدني أن يظهر لكم ما تقترحون ليقطع معاذير الكافرين منكم ويزيد في بصائر المؤمنين منكم.
قالوا قد أنصفتنا يا محمد فإن وفيت بما وعدت من نفسك من الإنصاف فأنت أول راجع عن دعواك للنبوة
__________________
(١) البقرة : ٩٦
(٢) البقرة : ٧٤.