أن ينقلع من أصله فيسير إليك إلى هناك فإذا حضرك ونحن نشاهده فأمره أن ينقطع نصفين من ارتفاع سمكه ثم ترتفع السفلى من قطعتيه فوق العليا وتنخفض العليا تحت السفلى فإذا تجعل أصل الجبل قلته وقلته أصله لنعلم أنه من الله لا يتفق مثله بمواطأة ولا بمعاونة مموهين متمردين.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله وأشار إلى حجر فيه قدر خمسة أرطال يا أيها الحجر تدحرج فتدحرج ثم قال لمخاطبه خذه وقربه من أذنك فسيعيد عليك ما سمعت فإن هذا جزء من ذلك الجبل فأخذه الرجل فأدناه إلى أذنه فنطق الحجر بمثل ما نطق به الجبل أولا من تصديق رسول الله صلىاللهعليهوآله فيما ذكره عن قلوب اليهود ومما غبر به (١) من أن نفقاتهم في دفع أمر محمد صلىاللهعليهوآله باطل ووبال عليهم.
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله أسمعت هذا أخلف هذا الحجر أحد يكلمك ويوهمك أن الحجر يكلمك؟
قال فائتني بما اقترحت في الجبل فتباعد رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى فضاء واسع ثم نادى الجبل وقال يا أيها الجبل بحق محمد وآله الطيبين بجاههم ومساءلة عباد الله بهم أرسل الله على قوم عاد ( رِيحاً صَرْصَراً ) عاتية لنزع الناس ( كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ ) وأمر جبرئيل أن يصيح صيحة هائلة في قوم صالح حتى صاروا ( كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) لما انفصلت من مكانك بإذن الله وجئت إلى حضرتي هذه ووضع يده على الأرض بين يديه.
فتزلزل الجبل وصار كالفارع الهملاج (٢) حتى دنا من إصبعه أصله فلزق بها ووقف ونادى ها أنا سامع لك مطيع يا رسول رب العالمين وإن رغمت أنوف هؤلاء المعاندين مرني بأمرك.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله إن هؤلاء اقترحوا علي أن آمرك أن تنقلع من أصلك فتصير نصفين ثم ينحط أعلاك ويرتفع أسفلك فتصير ذروتك أصلك وأصلك ذروتك.
فقال الجبل أتأمرني بذلك يا رسول رب العالمين قال بلى فانقطع نصفين وانحط أعلاه إلى الأرض وارتفع أسفله فوق أعلاه فصار فرعه أصله وأصله فرعه ثم نادى الجبل يا معاشر اليهود هذا الذي ترون دون معجزات موسى الذي تزعمون أنكم به مؤمنون.
فنظر اليهود بعضهم إلى البعض فقال بعضهم ما عن هذا محيص وقال آخرون منهم هذا رجل منجوت [ مبخوت ] مؤتى له ما يريد والمنجوت [ المبخوت ] يتأتى له العجائب فلا يغرنكم ما تشاهدون.
فناداهم الجبل يا أعداء الله قد أبطلتم بما تقولون نبوة موسى هلا قلتم لموسى إن قلب العصا ثعبانا وانفلاق البحر طرقا ووقوف الجبل كالظلة فوقكم إنما تأتى لك لأنك مؤتى لك يأتيك جدك بالعجائب فلا يغرنا ما نشاهده فألقمتهم الجبال بمقالتها والصخور ولزمتهم حجة رب العالمين
وعن معمر بن راشد قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : أتى يهودي إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقام بين يديه يحد النظر إليه فقال يا يهودي ما حاجتك ـ؟
فقال أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي كلمه الله عز وجل وأنزل عليه التوراة والعصا وفلق له البحر
__________________
(١) غبر به : مضى به وذهب.
(٢) الفارع : الصاعد المرتفع ، والهملاج : السريع السير.