الحبشية ( لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ ) وعهد من رسول الله تقدم لأريك أينا ( أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ).
ثم التفت إلى أصحابه فقال انصرفوا رحمكم الله فو الله لا دخلت المسجد إلا كما دخل أخواي موسى وهارون إذ قال له أصحابه ( فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ ) (١) والله لا دخلته إلا لزيارة رسول الله صلىاللهعليهوآله أو لقضية أقضيها فإنه لا يجوز بحجة أقامها رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يترك الناس في حيرة
وعن عبد الله بن عبد الرحمن قال ثم إن عمر احتزم بإزاره وجعل يطوف بالمدينة وينادي ألا إن أبا بكر قد بويع له فهلموا إلى البيعة فينثال (٢) الناس يبايعون فعرف أن جماعة في بيوت مستترون فكان يقصدهم في جمع كثير ويكبسهم ويحضرهم المسجد فيبايعون حتى إذا مضت أيام أقبل في جمع كثير إلى منزل علي عليهالسلام فطالبه بالخروج فأبى ، فدعا عمر بحطب ونار وقال والذي نفس عمر بيده ليخرجن أو لأحرقنه على ما فيه فقيل له إن فاطمة بنت رسول الله وولد رسول الله وآثار رسول الله صلىاللهعليهوآله فيه وأنكر الناس ذلك من قوله.
فلما عرف إنكارهم قال ما بالكم أتروني فعلت ذلك؟ إنما أردت التهويل فراسلهم علي أن ليس إلى خروجي حيلة لأني في جمع كتاب الله الذي قد نبذتموه وألهتكم الدنيا عنه وقد حلفت أن لا أخرج من بيتي ولا أدع ردائي على عاتقي حتى أجمع القرآن.
قال وخرجت فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله إليهم فوقفت خلف الباب ثم قالت لا عهد لي بقوم أسوأ محضرا منكم تركتم رسول الله صلىاللهعليهوآله جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم فيما بينكم ولم تؤمرونا ولم تروا لنا حقا كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم والله لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيكم والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة.
وفي رواية سليم بن قيس الهلالي (٣) عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال : أتيت عليا عليهالسلام وهو يغسل رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد كان أوصى أن لا يغسله غير علي عليهالسلام وأخبر أنه لا يريد أن يقلب منه عضوا إلا قلب له وقد قال أمير المؤمنين عليهالسلام لرسول الله صلىاللهعليهوآله من يعينني على غسلك يا رسول الله؟ قال جبرئيل.
فلما غسله وكفنه أدخلني وأدخل أبا ذر والمقداد وفاطمة وحسنا وحسينا عليهمالسلام فتقدم وصففنا خلفه فصلى عليه وعائشة في الحجرة لا تعلم قد أخذ جبرئيل ببصرها ثم أدخل عشرة من المهاجرين وعشرة من الأنصار فيصلون ويخرجون حتى لم يبق من المهاجرين والأنصار إلا صلى عليه.
__________________
(١) المائدة : ١٤.
(٢) انثال الناس : انصبوا واجتمعوا.
(٣) أبو صادق سليم بن قيس الهلالي ، كان من أصحاب علي عليهالسلام وكان هاربا من الحجاج لأنه طلبه ليقتله فلجأ إلى أبان بن عياش ، فآواه فلما حضرته الوفاة قال لأبان : « إن لك علي حقا وقد حضرتني الوفاة يا ابن أخي إنه كان من أمر رسول الله كيت وكيت » واعطاه كتابا وهو كتاب سليم بن قيس الهلالي المشهور رواه عنه أبان بن عياش الفهرست للطوسي ص ٨١.