فلما خاف أبو بكر أن ينصروه ويمنعوه بادرهم فقال كل ما قلته قد سمعناه بآذاننا ووعته قلوبنا ولكن سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول بعد هذا إنا أهل بيت اصطفانا الله وأكرمنا واختار لنا الآخرة على الدنيا وإن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة.
فقال علي عليهالسلام أما أحد من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله شهد هذا معك؟ قال عمر صدق خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله قد سمعنا منه هذا كما قال وقال أبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل صدق قد سمعنا ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فقال لهم لشد ما وفيتم بصحيفتكم الملعونة التي تعاقدتم عليها في الكعبة إن قتل الله محمدا أو أماته أن تزووا هذا الأمر عنا أهل البيت.
فقال أبو بكر وما علمك بذلك أطلعناك عليها؟ قال علي يا زبير ويا سلمان وأنت يا مقداد أذكركم بالله وبالإسلام أسمعتم رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول ذلك لي وعد فلانا وفلانا حتى عد هؤلاء الخمسة قد كتبوا بينهم كتابا وتعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا؟ قالوا اللهم نعم قد سمعناه يقول ذلك لك فقلت له بأبي أنت وأمي يا نبي الله فما تأمرني أن أفعل إذا كان ذلك؟ ـ فقال لك إن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم ونابذهم وإن لم تجد أعوانا فبايعهم واحقن دمك.
فقال علي عليهالسلام أما والله لو أن أولئك الأربعين رجلا الذين بايعوني وفوا لجاهدتكم في الله ولله أما والله لا ينالها أحد من عقبكم إلى يوم القيامة.
ثم نادى قبل أن يبايع يا ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (١) ثم تناول يد أبي بكر فبايعه فقيل للزبير بايع الآن فأبى فوثب عليه عمر وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة في أناس فانتزعوا سيفه من يده فضربوا به الأرض حتى كسر فقال الزبير وعمر على صدره يا ابن صهاك أما والله لو أن سيفي في يدي لحدت عني ثم بايع.
قال سلمان ثم أخذوني فوجئوا عنقي حتى تركوها مثل السلعة (٢) ثم فتلوا يدي فبايعت مكرها ثم بايع أبو ذر والمقداد مكرهين وما من الأمة أحد بايع مكرها غير علي وأربعتنا.
ولم يكن أحد منا أشد قولا من الزبير فلما بايع قال يا ابن صهاك أما والله لو لا هؤلاء الطلقاء الذين أعانوك ما كنت لتقدم علي ومعي السيف لما قد علمت من جبنك ولؤمك ولكنك وجدت من تقوى بهم وتصول بهم فغضب عمر فقال أتذكر صهاك؟ فقال الزبير ومن صهاك وما يمنعني من ذلك؟ وإنما كانت صهاك أمة حبشية لجدي عبد المطلب فزنى بها نفيل
__________________
(١) الأعراف : ١٥.
(٢) السلعة : خراج كهيئة الغدة.