وقال الشيخ أغا بزرك الطهراني : وفي الكتاب « احتجاجات النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة (عليهمالسلام) وبعض الصحابة ، وبعض العلماء ، وبعض الذرية الطاهرة ، وأكثر أحاديثه مراسيل الا ما رواه عن تفسير العسكري عليهالسلام ، كما صرح به في أوله بعد الخطبة ، فهو من الكتب المعتبرة التي اعتمد عليها العلماء الأعلام : كالعلامة المجلسي ، والمحدث الحر ، واضرابهما » (١).
ومن خلال هذه الفقرات نستفيد بان الكتاب بمجموعه موضع اعتماد الأعلام والباحثين ، بالرغم من ان أكثر أحاديثه مراسيل ، الا ان الثقة الكبيرة التي يتمتع بها مؤلف الكتاب ، زرعت في نفوس المؤلفين الاعتماد عليه ، والنقل عنه دون تمحيص وتحقيق ، وتدقيق في اسناد الاخبار والأحاديث.
اما البواعث التي دعت المؤلف لتأليف هذا الكتاب ، فقد حدثنا الطبرسي نفسه عنها ، فقال :
« ثم ان الذي دعاني الى تأليف هذا الكتاب عدول جماعة من الأصحاب من طريق الحجاج جدا ، وعن سبيل الجدال وان كان حقا وقولهم : « ان النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة (عليهمالسلام) لم يجادلوا قط ، ولا استعملوه ، ولا للشيعة فيه اجازة ، بل نهوهم عنه وعابوه » فرأيت عمل كتاب يحتوي على ذكر جمل من محاوراتهم في الفروع والأصول مع اهل الخلاف ، وذوي الفضول ، قد جادلوا فيها بالحق من الكلام وبلغوا غاية كل مرام وانهم (عليهمالسلام) انما نهوا عن ذلك الضعفاء والمساكين من أهل القصور عن بيان الدين ، دون المبرزين في الاحتجاج الغالبين لأهل اللجاج فانهم كانوا مأمورين من قبلهم بمقاومة الخصوم ، ومداولة الكلوم فعلت بذلك منازلهم وارتفعت درجاتهم وانتشرت فضائلهم » (٢).
اذا فالمؤلف اندفع الى تأليف هذا الكتاب بدافع العقيدة لينير للمتخبطين بطريق الغواية ، نور الهداية والخير ، ويبسط ما وسعه المجال عن جميع ما يتعلق بالنبي (صلىاللهعليهوآله) وآل بيته (عليهمالسلام) واتباعهم ، وليكشف لذوي اللجاج مدى المكانة العالية ، والمقام السامي ، التي تتمتع بها هذه الصفوة.
اما منهج الطبرسي في تأليف كتابه الاحتجاج ، فقد اوضحه لنا نفسه في مقدمة كتابه المذكور ، يقول :
« وانا ابتدئ في صدر الكتاب بفصل ينطوي على ذكر آيات من القرآن التي امر الله تعالى بذلك أنبياءه بمحاجة ذوي العدوان ، ويشتمل أيضا على عدة اخبار في فضل الذابين عن دين الله القويم ، وصراطه المستقيم بالحجج القاهرة والبراهين الباهرة ، ثم نشرع في ذكر طرف من مجادلات النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة (عليهمالسلام) ، وربما يأتي في أثناء كلامهم كلام جماعة من الشيعة ، حيث تقتضي الحال ذكره ولا نأتي في أكثر ما نورده من الاخبار بإسناده اما لوجود الإجماع عليه او موافقته لما دلت العقول إليه ، او لاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف ، الا ما أوردته عن ابي محمد الحسن العسكري (عليهالسلام) فانه ليس في الاشتهار على حد ما سواه وان كان مشتملا على مثل الذي قدمناه ، فلأجل ذلك ذكرت اسناده في أول جزء من ذلك دون غيره لأن جميع ما رويت عنه (عليهالسلام) انما رويته باسناد واحد من جملة الاخبار التي ذكرها (عليهالسلام) في تفسيره » (٣)
ولقد طبع هذا الكتاب عدة طبعات في ايران والنجف غير أن هذه الطبعة التي بين ايدينا قد تميزت عن
__________________
(١) الذريعة : ٢٨١ ـ ١ (٢) الاحتجاج : ٤ (٣) الاحتجاج : ٤