فيها التقى وأمور ليس يجهلها |
|
إلاّ الجهول وما النوكى كأكياس (١) |
قال : فلمّا فرغ من شعره عرضه على معاوية ، فقال معاوية : لا أرى كتابك على رقة شعرك.
فلمّا قرأ ابن عباس الكتاب (والشعر) أتى به عليّاً فأقرأه شعره فضحك وقال : قاتل الله ابن العاص (ابن النابغة) ما أغراه بك يا بن عباس ، أجبه وليردّ عليه شعره الفضل بن العبّاس فإنّه شاعر.
فكتب ابن عباس إلى عمرو : أمّا بعد فإني لا أعلم رجلاً من العرب أقلَّ حياء منك ، إنّه مال بك معاوية إلى الهوى ، وبعته دينك بالثمن اليسير ، ثمّ خبطت بالناس في عشوة (عشواء طخياء) (مظلمة) طمعاً في الملك فلمّا لم تر شيئاً أعظمت الدنيا إعظام أهل الذنوب (الدين) وأظهرت فيها (زهادة) نزاهة أهل الورع ، فإن كنت (أردت) (تريد أن) ترضي الله (عزّ وجلّ) بذلك فدع مصر وارجع إلى بيتك (أهل بيت نبيّك محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم » ، (فإنّ) هذه الحرب ليس معاوية فيها كعليّ ، ابتدأها عليّ بالحقّ وانتهى فيها إلى العذر ، وبدأها معاوية بالبغي وانتهى فيها إلى السَرَف ، وليس أهل العراق فيها كأهل الشام ، بايع أهل العراق عليّاً وهو خير منهم ، وبايع أهل الشام معاوية وهم خير منه ، ولست أنا وأنت فيها بسواء ، أردتُ الله وأردتَ أنت مصر وقد عرفتُ الشيء الّذي باعدك مني ، ولا أرى الشيء الّذي قرّبك من معاوية ، فإن ترد شراً لا نسبقك إليه ، وإن ترد خيراً لا تسبقنا إليه والسلام.
____________
(١) النوكى : الحمقى ، والكيّس خلاف الحُمقى.