الراوي أو الناسخ فنسبها إلى الفضل بن عباس لقرب ذكره فيما تقدم له من الشعر في المقام.
ومهما كان الصحيح في نسبة الشعر فإنّه شعر صادق في التعبير عما كان أدخله كتاب ابن عباس والشعر الأوّل في نفس معاوية من انهيار معنوي حتى حلف أن لا يكتب إلى ابن عباس كتاباً سنة كاملة. وأبياته المذكورة تنبئ عن فشله وندامته ولكنه على عادته في المكابرة ختمها بقوله :
فأبرق وأرعد ما استطعت فإنّني إليك بما يشجيك سبط الأنامل
أي سخيّ بما يشجيك ، ولم يكن يتوقع أن يأتيه من قبل ابن عباس ما يشجيه هو أيضاً ، ولقد صدقت فراسة عمر بن الخطاب في ابن عباس ومعاوية وعمرو بن العاص حين ذكر نفر عنده معاوية وابن العاص ، فقال لهم : أين أنتم عن عبد الله بن عباس؟ فقالوا : والله انّه ـ أي كما ذكرت ـ ولكنهما أذكى سنّاً وأطول تجربة. فقال عمر : إنّ هذا لهما عليه ، ولئن بقي يجري في عنانهما ليبرحنّ بهما تبريح الأشقر مقراً وشيحاً (١).
نعم لقد برّح بهما أيّما تبريح ، حتى قال معاوية بعد وصول الجواب إليه : هذا عملي بنفسي ، لا أكتب والله إليه كتاباً سنة كاملة.
ومرّ بنا قول عمرو بن العاص معانياً ومعاتباً معاوية على حمله أن يكتب إلى ابن عباس وجاءه الجواب المليء تقريعاً وتسفيهاً فقال : أنت دعوتني إلى هذا ، ما كان أغناني وإياك عن بني عبد المطلب.
____________
(١) أنباء نجباء الأبناء لابن ظفر المكي / ٨٠ ط مصر. والمعنى برّح به الأمر تبريحاً أي جهده ، والأشقر مَن الخجل حمرته صافية يحمّر معها العرف والذنب ، والمقر ـ ساكن ـ دقّ العنق ، والشيح ـ في لغة هذيل ـ الجادّ في الأمور.