ظهره ، والأشتر في ميمنة الناس ، وابن عباس في الميسرة ، وعليّ في القلب ، والناس يقتتلون من كلّ جانب وذلك يوم الجمعة ، وأخذ الأشتر يزحف بالميمنة ويقاتل فيها ، وكان قد تولاّها عشية الخميس وليلة الجمعة إلى ارتفاع الضحى ، وأخذ يقول لأصحابه : إزحفوا قيد هذا الرمح ، وهو يزحف بهم نحو أهل الشام » (١).
قال أبو مخنف : « فلمّا رأى عمرو بن العاص انّ أمر أهل العراق قد اشتدّ ، وخاف في ذلك الهلاك ، قال لمعاوية : هل لك في أمر أعرضه عليك لا يزيدنا إلاّ اجتماعاً ، ولا يزيدهم إلاّ فُرقة؟ قال : نعم ، قال : نرفع المصاحف ثمّ نقول : ما فيها حَكَم بيننا وبينكم ، فإن أبى بعضهم أن يقبلها وجدت فيهم من يقول : بلى ، ينبغي أن نقبل ، فتكون فرقة تقع بينهم ، وإن قالوا بلى ، نقبل ما فيها ، رفعنا هذا القتال عنا وهذه الحرب إلى أجل أو إلى حين » (٢).
قال نصر بسنده عن تميم بن حذيم : « يقول : لمّا أصبحنا من ليلة الهرير نظرنا فإذا أشباه الرايات أمام صفّ أهل الشام وسط الفيلق من حيال موقف معاوية ، فلمّا أسفرنا إذا هي المصاحف قد رُبطت على أطراف الرماح ، وهي عظام مصاحف العسكر ، وقد شدّوا ثلاثة أرماح جميعاً وقد ربطوا عليها مصحف المسجد الأعظم ، يمسكه عشرة رهط.
وقال أبو جعفر وأبو الطفيل : استقبلوا عليّاً بمائة مصحف ، ووضعوا في كلّ مجنّبة مائتي مصحف ، وكان جميعها خمسمائة مصحف.
____________
(١) أنظر تاريخ الطبري ٥ / ٤٧ ط المعارف.
(٢) نفس المصدر ٥ / ٤٨.