وحتى خاف عليّ (عليه السلام) أن يفترق عنه أصحابه ، فلمّا رأى ما هو فيه أجابهم إلى الحكومة » (١).
وقال المسعودي في خدعة رفع المصاحف : « فلمّا رأى كثير من أهل العراق ذلك قالوا نجيب إلى كتاب الله وننيب إليه ، وأحبّ القوم الموادعة ، وقيل لعليّ قد أعطاك معاوية الحقّ ، ودعاك إلى كتاب الله فاقبل منه ، وكان اشدهم في ذلك اليوم الأشعث بن قيس ، فقال عليّ : أيها الناس ، إنّه لم يزل من أمركم ما أحب حتى قرحتكم الحرب ، وقد والله أخذت منكم وتركت ، وإنّي كنت بالأمس أميراً فأصبحت اليوم مأموراً وقد أحببتم البقاء ... وقال : وما رفعوها لكم إلاّ خديعة ودهاء ومكيدة ... ويحكم إنّما قاتلتم ليدينوا بحكم الكتاب فقد عصوا الله فيما أمرهم به ، ونبذوا كتابه ، فامضوا على حقكم وقصدكم وخذوا في قتال عدوكم ، فإنّ معاوية وابن العاص وابن أبي مُعيط وحبيب بن مسلمة وعدداً غير هؤلاء ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، وأنا أعرف بهم منكم ، صحبتهم أطفالاً ورجالاً فهم شرّ أطفال ورجال.
قال المسعودي : وجرى له مع القوم خطب طويل قد أتينا ببعضه ، وتهددوه أن يصنع به ما صنع بعثمان ، وقال الأشعث : ان شئت أتيت معاوية فسألته ما يريد » (٢).
قال نصر بن مزاحم في كلام له عن الأشعث : « فإنّه لم يرض بالسكوت ، بل كان من أعظم الناس قولاً في إطفاء الحرب والركون إلى الموادعة » (٣).
____________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٦٤ ـ ١٦٥ ط الغري.
(٢) مروج الذهب ٢ / ٤٠٠ ـ ٤٠١.
(٣) وقعة صفين / ٥٥٣.