ولتميلن أهل فارس على نساء أهل العراق وذراريهم ، وإنّما يبصر هذا ذوو الأحلام والنهى ، اربطوا المصاحف على أطراف القنا ... » (١).
فلم تكن الصدفة هي الّتي دعت الأشعث إلى خطبته ، ولم تكن الصدفة هي الّتي احضرت عيون معاوية فسمعت الخطبة ثمّ انطلقت إليه بحاجته ، ولم تكن الصدفة هي الّتي جعلت الأشعث من أعظم الناس قولاً في إطفاء الحرب والركون إلى الموادعة ، ولم تكن الصدفة هي الّتي أعجلت الأشعث فبادر أن يذهب إلى معاوية وليسأله ماذا يريد ، بل كلّ ذلك كان عن تدبير وائتمار كما يراه طه حسين ، ولم يكن بدعاً في رأيه ، ولا متجنّ في قوله على الأشعث ، بل ذلك ما ذكره عنه التاريخ.
ففي تاريخ اليعقوبي : « فرفعوا المصاحف ودعوهم إلى التحكيم بما فيها وقالوا ندعوكم إلى كتاب الله.
فقال عليّ (عليه السلام) إنّها مكيدة ، وليسوا بأصحاب قرآن. فاعترض الأشعث ابن قيس الكندي ـ وقد كان معاوية استماله وكتب إليه ودعا إلى نفسه ـ فقال : قد دعوا القوم إلى الحقّ ، فقال عليّ (عليه السلام) إنهم إنّما كادوكم وأرادوا صرفكم عنهم.
فقال الأشعث : والله لئن لم تجبهم انصرفت عنك ، ومالت اليمانية مع الأشعث ، فقال الأشعث والله لتجيبنّهم إلى ما دعوا إليه أو لندفعنّك اليهم برمتّك ، فتنازع الأشتر والأشعث في هذا كلاماً عظيماً حتى كاد أن يكون الحرب بينهم
____________
(١) نفس المصدر / ٥٥٠ و ١٨٩.