يكن من أمر الكتابة والكتاب ، فقد تم الإتفاق على أن يوافي عليّ ومعاوية موضع الحكمين بدومة الجندل في شهر رمضان مع كلّ واحد منهما أربعمائة من أصحابه وأتباعه (١).
واشترط على الحكمين أن يرفعا ما رفع القرآن ، ويخفضا ما خفض القرآن ، وأن يختارا لأمة محمّد صلّى الله عليه (وآله) وسلّم وأنّهما يجتمعان بدومة الجندل (٢) فإن لم يجتمعا لذلك ، اجتمعا من العام المقبل بأذرح (٣).
قال أبو مخنف : « فكان الكتاب في صفر والأجل رمضان إلى ثمانية أشهر ، إلى أن يلتقي الحكمان ، ثمّ انّ الناس دفنوا قتلاهم ، وأمر عليّ الأعور ـ يعني الحارث ـ فنادى في الناس بالرحيل » (٤).
قال أبو مخنف : « حدثنا أبو جناب الكلبي عن عمارة بن ربيعة قال : خرجوا مع عليّ إلى صفّين وهم متوادون أحباء ، فرجعوا متباغضين أعداء ، ما برحوا من عسكرهم بصفين حتى فشا فيهم التحكيم ، ولقد اقبلوا يتدافعون الطريق كله ويتشاتمون ويضطربون بالسياط ، يقول الخوارج : يا أعداء الله دهنتم في أمر الله (عزّ وجلّ) وحكّمتم. وقال الآخرون : فارقتم إمامنا وفرّقتم جماعتنا ، فلمّا دخل عليّ الكوفة لم يدخلوا معه حتى أتوا حروراء (٥) ، فنزل بها منهم اثنا عشر ألفاً ، ونادى
____________
(١) أنظر تاريخ الطبري ٥ / ٥٧.
(٢) مكان وسط بين أهل الشام وأهل العراق إذ هي على عشر مراحل من الكوفة وكذلك من الشام (الأعلاق النفسية لابن رستة / ١٧٧).
(٣) تاريخ الطبري ٥ / ٥٧.
(٤) نفس المصدر ٤ / ٨٩.
(٥) حروراء كجلولاء ، بالمد وقد تقصر قرية بالكوفة على ميلين منها ، نزل بها جماعة خالفوا عليّاً من الخوارج ، تاج العروس ٣ / ١٣٧.