قال : فدعا عليّ (رضي الله عنه) بعبد الله بن عباس فأرسله إليهم وقال : يا بن عباس امض إلى هؤلاء القوم فانظر ما هم عليه ولماذا اجتمعوا؟
[ وأوصاه بقوله : لا تخاصمهم بالقرآن فقال له ابن عباس : يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم ، في بيوتنا نزل.
قال : صدقت ، ولكن القرآن حمّال ذو وجوه تقول ويقولون ، ولكن حاججهم بالسنّة فإنّهم لن يجدوا عنها محيصاً (١) فخرج ابن عباس اليهم فحاججهم بالسنن فلم يبق بأيديهم حجة ] (٢).
قال ابن اعثم في حديثه : فأقبل عليهم ابن عباس حتى إذا شرف عليهم ونظروا إليه ناداه بعضهم وقال : ويلك يا بن عباس أكفرت بربك كما كفر صاحبك عليّ بن أبي طالب؟
فقال ابن عباس : إنّي لا أستطيع أن أكلمكم كلكم ، ولكن انظروا أيكم أعلم بما يأتي ويذر فليخرج إليَّ حتى أكلّمه.
قال : فخرج إليه رجل منهم يقال له عتاب بن الأعور التغلبي ، حتى وقف قبالته ، وكأن القرآن إنّما كان ممثلاً بين عينيه ، فجعل يقول ويحتج ويتكلم بما يريد ، وابن عباس ساكت لا يكلمه بشيء ، حتى إذا فرغ من كلامه ، أقبل عليه ابن عباس فقال : إنّي أريد أن أضرب لك مثلاً ، فإن كنت عاقلاً فافهم. فقال الخارجي : قل ما بدا لك.
____________
(١) الإتقان للسيوطي ١ / ١٧٥ ، ولابن أبي الحديد المعتزلي في شرح هذه الوصية كلام بدأه بقوله : هذا الكلام لا نظير له في شرفه وعلو معناه ...
(٢) الدر المنثور للسيوطي ١ / ١٥عن ابن سعد.