وكان عمرو قد عوّد أبا موسى أن يقدمه في كلّ شيء ، وإنّما اغترّه بذلك ليقدّمه فيبدأ بخلع عليّ.
قال : فنظرا في أمرهما وما اجتمعا عليه. فأراده عمرو على معاوية فأبى ، وأراده على ابنه فأبى ، وأراده أبو موسى على عبد الله بن عمر فأبى عليه عمرو. قال : فأخبرني ما رأيك يا أبا موسى؟ قال : رأيي أن أخلع هذين الرجلين عليّاً ومعاوية ثمّ نجعل هذا الأمر شورى بين المسلمين يختارون لأنفسهم من شاؤا ومن أحبّوا.
فقال له عمرو : الرأي ما رأيت ... قال : فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون ، فتكلم أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه فقال : إنّ رأيي ورأي عمرو قد أتفق على أمر نرجو أن يُصلح الله به أمر هذه الأمة.
قال عمرو : صدق ، ثمّ قال : يا أبا موسى فتكلم ، فتقدم أبو موسى ليتكلم فدعاه ابن عباس فقال : ويحك إنّي لأظنه قد خدعك ، إن كنتما قد أتفقتما على أمر فقدّمه قبلك ، فيتكلم بذلك الأمر قبلك ثمّ تكلم أنت بعده ، فإنّ عمراً رجل غدّار ، ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه ، فإذا قمت به في الناس خالفك ـ وكان أبو موسى رجلاً مغفّلاً ـ فقال : إيهاً عنك إنّا قد اتفقنا.
فتقدم أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال أيها الناس ، إنّا قد نظرنا في أمر هذه الأمة ، فلم نر شيئاً هو أصلح لأمرها ، وألمّ لشعثها من ألاّ تتباين أمورها ، وقد اجمع رأيي ورأي صاحبي عمرو على خلع عليّ ومعاوية ، وأن نستقبل هذا الأمر فيكون شورى بين المسلمين ، فيولّون أمورهم من أحبّوا ،