(وانتهت المأساة بهذه المهزلة ، أو انتهت المهزلة بهذه المأساة).
(وبان أنّ اجتماع الحكمين لم يفض إلى اتفاق بين الحكمين ، فعاد الخلاف إلى ما كان عليه ... اهـ) ولنعم ما قال ونحن أيضاً ننهي عرض الآراء الحرة من دون تعليق ، وحسبنا منها أنّ ألسنة الخلق أقلام الحقّ ، مقولة شائعة ذائعة وهي كلمة سائغة بالغة تصدق أحياناً كثيرة ، وقد تنقص قائلها الحيطة في القول فتتخلف عن الصدق حيناً ما ، كما أحسب أنّ القارئ أدرك مغزى مقالة أصحاب الآراء ورأى شيئاً من هذا وضغثاً من ذاك ، والحقيقة لا تخفى.
ورحم الله هشام بن الحكم فقد سأله بعض المخالفين : إنّ الحكَمين لقبولهما الحكم كانا مريدين للإصلاح بين الطائفتين.
فقال هشام : بل كانا غير مريدين للإصلاح بين الطائفتين.
فقال المخالف : من أين قلت هذا؟
قال هشام : من قول الله (عزّ وجلّ) في الحكمين حيث يقول : ( إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ) (١) فلمّا اختلفا ولم يكن بينهما اتفاق على أمر واحد ولم يوفّق الله بينهما علمنا أنّهما لم يريدا إصلاحاً (٢).
وصدق رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ( يكون في هذه الأمة حكمان ضالاّن ، ضال من اتبعهما ... ) (٣).
____________
(١) النساء / ٣٥.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٣٧ ط النجف.
(٣) وقد مر ذكر هذا الحديث في رقم (٥) من تقسيمات آثار خدعة التحكيم السيئة.