في مثل هذا الرأي ، ولم يكن أمامه إلاّ أن يمضي في رأيه في (معاوية) لأنّهما لم يصلا إلى رأي يراه أحسن منه » (١).
٤ ـ قال عبد الكريم الخطيب في كتابه : « لم يكن ما انتهى إليه الحكمان ليحسم الفتنة الّتي كانت دعوة أصحاب المصاحف ، تشير بكتاب الله ليقضي فيها بحكمه ، ويقضي عليها بعدله ... بل إن ما انتهى إليه الحكمان كان فتنة إلى فتنة ، وبلاء إلى بلاء.
فالحكمان اللذان ارتضاهما المسلمون ليحكما بكتاب الله قد خانا عليّاً ومعاوية ، فلم يضعا كلّ واحد منهما بموضعه! بل إنّهما خانا كتاب الله ولم يقضيا به ، حين سوّيا بين أوّل الناس إسلاماً وآخر قريش دخولاً في الإسلام ، ثمّ بين المهاجر والطليق ، وبين من لم يضرب بسيفه إلاّ في سبيل الله ، ومن ضرب بسيفه في وجوه المؤمنين بالله. ثمّ لم يرعيا ما لقرابة رسول الله والصهر إليه ، من حقّ في ترجيح الأكفاء والنظراء ، بل وأكثر من هذا ... فإنّ الحكمين قد خانا أنفسهما ، فلم يرع أحدهما عهد صاحبه وميثاقه الّذي واثقه به ... فقال أحدهما قولاً ، وقال الآخر قولاً ، وكان الخلاف بين القولين في حاجة إلى من يحتكم إليه فيه! » (٢).
٥ ـ وبالتالي لقد كان الحكمان والتحكيم كما قال الاستاذ عباس محمود العقاد في كتابه عبقرية الإمام : « كلب وحمار فيما حكما به على نفسيهما غاضبَين ، وهما يقضيان على العالم بأسره ليرضى بما قضياه » (٣).
____________
(١) القضايا الكبرى في الإسلام / ١٧٢ ط الثانية سنة ١٩٦٠.
(٢) عليّ بن أبي طالب بقية النبوة وخاتم الخلافة / ٥١٣ ط الأولى سنة ١٣٦٨ هـ دار الفكر العربي.
(٣) العبقريات الإسلامية / ٧٤٨ ط دار الكتاب العربي بيروت.