٣ ـ وذكر الطحاوي ـ وهو من الأحناف ـ باسناده عن إبراهيم ـ النخعي ـ قال : « كان عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ لا يقنت في الفجر ، وأوّل من قنت فيها عليّ ، وكانوا يرون إنّما فعل ذلك لأنّه كان محارباً.
وذكر أيضاً عن إبراهيم قال : إنّما كان عليّ (رضي الله عنه) يقنت فيها ـ الصلاة ـ ههنا بالكوفة ـ لأنّه كان محارباً فكان يدعو على أعدائه في القنوت في الفجر والمغرب ».
ثمّ قال الطحاوي : « فثبت بما ذكرنا أنّ مذهب عليّ (رضي الله عنه) في القنوت هو مذهب عمر (رضي الله عنه) الّذي وصفنا ، ولم يكن عليّ يقصد بذلك إلى الفجر خاصة ، لأنّه قد كان يفعل ذلك في المغرب فيما ذكر إبراهيم » (١).
٤ ـ حكى الزيلعي عن إبراهيم النخعي قال : « وأهل الكوفة إنّما أخذوا القنوت عن عليّ ، قنت يدعو على معاوية حين حاربه ، وأهل الشام أخذوا القنوت عن معاوية قنت يدعو على عليّ » (٢).
فتبيّن من جميع ما تقدم جواب السؤالين الأوّل والثاني (هل للإمام أن يلعن معاوية ومن معه)؟ ، و (ما الحجة في ذلك)؟.
أمّا جواب السؤال الثالث (لماذا أخّر اللعن حتى عاد ابن عباس ومن معه من مؤتمر التحكيم وأخبره بغدر عمرو بن العاص وأبي موسى الاشعري ونتيجة التحكيم المخزية والمحزنة)؟
فأرى ـ والله أعلم ـ أنّ الإمام (عليه السلام) كان قبل ذلك اليوم يرجو استصلاح أولئك المحاربين بما يرسل اليهم من كتب وعظية ورسل إصلاح لغرض إنابتهم
____________
(١) شرح معاني الآثار ١ / ٢٥١ ط دار الكتب العلمية سنة ١٣٩٩ بيروت.
(٢) نصب الراية ٢ / ١٣١.