وأحسب أنّي ذكرت فيما فيه كفاية في جواب النابتة الغاوية ، الذين يرون من حقهم الدفاع عن خالهم معاوية.
وللمطارفة ما أدري وليتني كنت أدري لماذا يرون معاوية خالاً للمؤمنين لمكان اخته أم حبيبة احدى زوجات النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا يرون غيره من اخوان أمهات المؤمنين كذلك؟ فهلا رأوا خوؤلة محمّد بن أبي بكر وراعوا حرمته وحرمة أخته عائشة وهي عند أولئك النابتة أهم زوجات الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ أفهل من رعاية حقّها أن يقتلوا أخاها محمّد بن أبي بكر أشنع قتلة ثمّ يدخلوه جوف حمار ميت ، ثمّ يحرقوه؟!
أيّ فظاظة وقسوة؟ أيّ همجية ووحشية؟ وقد روى المؤرخون كالطبري (١) ، وابن الأثير (٢) ، وابن كثير (٣) ، وابن أبي الحديد (٤) ، والبلاذري (٥) : « انّ عائشة لمّا بلغها قتل محمّد بن أبي بكر جزعت عليه جزعاً شديداً ، وجعلت تقنت وتدعو في دبر الصلاة على معاوية وعمرو بن العاص » ، وقال البلاذري : « فلمّا بلغ ذلك عائشة (رضي الله عنه) جزعت عليه وقبضت عياله وولده إليها ، ولم تأكل شواء حتى توفيت (٦) ولم تعثر قط إلاّ قالت : تعس معاوية بن خديج ـ قاتل محمّد ـ ».
____________
(١) جامع البيان ٦ / ٦٠ ط الحسينية و ٥ / ١٠٥ ذخائر العرب.
(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ١٥٥.
(٣) البداية والنهاية ٧ / ٣١٤.
(٤) شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ / ٣٣.
(٥) أنساب الأشراف ٢ / ٤٠٣ تح ـ المحمودي.
(٦) ذكر ابن الجوزي في المنتظم ٥ / ١٥١ بسنده عن يزيد بن أبي حبيب قال بعث معاوية بن خديج بمولى له يقال له سليم إلى المدينة بشيراً بقتل محمّد بن أبي بكر ومعه قميص محمّد بن أبي بكر ودخل به دار عثمان ، فاجتمع إليه آل عثمان من رجال ونساء وأظهروا السرور بمقتله وأمرت ام حبيبة بنت أبي سفيان بكبش يشوى وبعثت بذلك إلى عائشة وقالت : هكذا يشوى أخوكِ ، فلم تأكل عائشة شواء حتى لحقت بالله (عزّ وجلّ).