فإن علمتَ أحداً هو خير من أبناء الطلقاء فأتني به ، فخرج الأشتر وقد زال ما في نفسه ... اهـ » (١).
هذه هي الرواية المجهولة الهوية راوياً ومصدراً من قبل ابن أبي الحديد ، ولم أقف عليها عند المؤرخين قبله بهذا اللفظ ، وصار هو المصدر لمن رواها بعده ، كالمجلسي في البحار (٢)؟ ولم يعقّب على الرواية بشيء ، مع أنّها تستبطن بطلانها ـ فيما أرى ـ بأدنى التفات ومن دون عناء كبير ، وذلك في مساواة الإمام بين بني العباس من ولاته وبين أبناء الطلقاء ، فقد ورد وصفهم بذلك مرتين ، مع أن لفظ الطلقاء إنّما أطلقه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم فتح مكة على مشركي قريش حين قال لهم منّاً منه عليهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء ، وكان عمه العباس ممّن هاجر إليه قبل الفتح فلقيه بالسقيا أو بالجحفة ثمّ عاد معه ، فهو ليس من هؤلاء الطلقاء قطعاً وباتفاق المؤرخين ، فكيف نصدّق الرواية في وصف الإمام لبني عمّه بالطلقاء؟
نعم إذا أخذنا معنى الطلقاء بمفهومه العام كما فسّره ابن أبي الحديد في شرح النهج في شرح قول الإمام (عليه السلام) في كتابه إلى معاوية : (ولا المهاجر كالطليق) حيث قال : « فإن قلت فهل معاوية من الطلقاء؟ قلت نعم ، كلّ من دخل عليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مكة عنوة بالسيف فملكه ثمّ منّ عليه عن إسلام او غير إسلام فهو من الطلقاء ممّن لم يسلم كصفوان بن أمية ومن أسلم كمعاوية بن أبي سفيان ، وكذلك كلّ من أسر في حرب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثمّ امتنّ عليه بفداء أو بغير فداء فهو طليق فمن امتن عليه بفداء كسهيل بن عمرو ،
____________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٣ / ٤١٦ ط مصر الاُولى.
(٢) بحار الأنوار ٩ / ٧٢٧ ط تبريز.