سقراط ، ولم يربّ بين الشجعان لأن أهل مكة كانوا ذوي تجارة ولم يكونوا ذوي حرب ، وخرج أشجع من كلّ بشر مشى على الأرض.
قيل لخلف الأحمر : أيّما أشجع عتيبة وبسطام أم عليّ بن أبي طالب؟ قال : إنّما يذكر عتيبة وبسطام مع البشر والناس ، لا مع من يرتفع عن هذه الطبقة ، فقيل له : فعلى كلّ حال.
قال : والله لو صاح في وجهيهما لماتا قبل أن يحمل عليهما.
وخرج أفصح من سحبان وقسّ ، ولم تكن قريش بأفصح العرب ، كان غيرها أفصح منها. قالوا : أفصح العرب جرهم وإن لم تكن لهم نباهة ، وخرج أزهد الناس ، وأعفّهم مع أنّ قريشاً ذووا حرص ومحبة للدنيا ، ولا غرو فيمن كان محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مربّيه ومخرجّه ، والعناية الآلهية تمدّه وترفده أن يكون منه ما كان » (١).
قال أبو محنف في كتابيه مقتل محمّد بن أبي بكر والأشتر ، وقد ذكر كتاب الإمام إلى ابن عباس بصورة أوسع ممّا مر وهي : « بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى عبد الله بن عباس ، سلام عليك فإنّي أحمد الله إليك الّذي لا إله إلاّ هو ، أمّا بعد ، فإن مصر قد افتتحت ، ومحمّد بن أبي بكر قد استشهد ، فعند الله نحتسبه وندّخره ، وقد كنت قمت في الناس في بدئه ، وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة ، ودعوتهم سراً وجهراً ، وعَوداً وبدءاً ، فمنهم من أتى كارهاً ، ومنهم من اعتل كاذباً ، ومنهم القاعد حالاً (خاذلاً) ، أسأل الله أن يجعل لي منهم فرجاً ومخرجاً ، وأن يريحني منهم عاجلاً ، والله لولا طمعي عند لقاء
____________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٤ / ٥٤ ـ ٥٥.