وأغرب ما رأيت في المقام ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير وعنه الهيثمي عن عيسى بن زيد قال : « استأذن الأشعث بن قيس على معاوية بالكوفة فحجبه مليّاً وعنده ابن عباس والحسن بن عليّ فقال : أعن هذين حجبتني يا أمير المؤمنين ، تعلم أنّ صاحبهم جاءنا فملأنا كذباً يعني عليّاً.
فقال ابن عباس : والله عنده مهرة جدك وطعن في أست أبيك.
فقال : ألا تسمع يا أمير المؤمنين ما يقول؟
قال : أنت بدأت.
قال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم » (١).
أقول : لقد كفانا قول الهيثمي مؤنة الرد والمناقشة في هذا الخبر. مضافاً إلى ما حكاه ابن حجر في الإصابة (٢) ( عن خليفة وأبي نعيم وغير واحد انّ الأشعث مات بعد قتل عليّ بأربعين ليلة و ... ).
إذن فما دمنا لم نجد نصاً يشير إلى حضور قول أو عمل من ابن عباس في مسألة الصلح؟ وما دمنا نفتقد الحجة في ذلك ، فعلينا التريّث في تصنيف ابن عباس مع الراضين ، هو أو مع الساخطين. لكنا قد نتبين جواب ذلك التساؤل من خلال كتاب معاوية إليه وجوابه على ذلك الكتاب ، وهو كتاب له دلالته في أنّ ابن عباس لم يكن ـ في رأي معاوية على الأقل ـ ممّن تشمله وثيقة الصلح لتعصم دمه.
قال ابن أبي الحديد : « وكتب معاوية إلى ابن عباس عند صلح الحسن (عليه السلام) له كتاباً يدعوه فيه إلى بيعته ويقول له فيه : ولعمري لو قتلتك بعثمان رجوت أن
____________
(١) مجمع الزوائد ٧ / ٢٤٧.
(٢) الإصابة ١ / ١٦.