تهديد وتوعيد ، وتأكيد على أنّ ابن عباس لم يكن قد بايع ، ولم يكن جرى له صلح مع معاوية ، فهذا يدل على انّه كان بعد مسالمة الإمام الحسن (عليه السلام) وهي كانت في النصف من جمادى الأولى سنة ٤١ كما في الاستيعاب وغيره وقيل في ربيع الأوّل أو الثاني ، إذن فابن عباس لم يزل بالبصرة لذلك الوقت ولم يبايع معاوية. ولا يعقل أنّه يكون لم يبلغ علمه ما جرى للإمام الحسن (عليه السلام) من الأحداث الّتي اضطرته إلى المسالمة ، فهو ولا شك لم يستسغ مرارة الصلح الاضطراري ، كيف وهو الّذي كان مصراً على حرب معاوية كما في كتابه إلى الإمام الحسن (عليه السلام) ، ولكن لا يعني ذلك سخطه على خطة الإمام الحسن (عليه السلام) ، بل سيأتي ما يدل على بقائه في ولايته على ولائه حتى فارق البصرة إلى المدينة.
والآن هلمّ الخطب فيما رواه الطبري بسنده عن الزهري في حديث بيعة الحسن (عليه السلام) ففيه من الطامّات ما يسقطه عن الإعتبار :
فمنها قوله : « فلمّا علم عبد الله بن عباس بالذي يريد الحسن (عليه السلام) أن يأخذه لنفسه ، كتب إلى معاوية يسأله الأمان ، ويشترط لنفسه على الأموال الّتي أصابها ، فشرط ذلك له معاوية » (١). فإذا كان قد شرط له معاوية ذلك فلماذا إذن الكتاب إليه يتهدده ويتوعدّه كما مرّ؟ ولماذا كان جواب ابن عباس طويلاً؟ كما مرّ.
إنّها إحدى أكاذيب الزهري فهو من المنحرفين عن أهل البيت ، ومن مرتزقة الأمويين وكان على شرطة بعض بني مروان. قال خارجة : « قدمت على الزهري وهو صاحب شرط لبعض بني مروان ، قال : فرأيته يركب وفي يده حربة
____________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ١٥٨ ط دار المعارف و ٦ / ٢ ط أفست أوربا ، وفي الكامل لابن الأثير ٣ / ١٧٧ط بولاق عبيد الله بدل عبد الله. واظنه من غلط النساخ وخلط الرواة وقد مرّ تحقيق ذلك.