التلخيص وقال : إنّه صحيح (١). وورد الخبر في سير أعلام النبلاء للذهبي (٢) ، وتاريخ ابن كثير (٣).
وتعقيباً منا على الخبر ، فهو نص صريح على وفادة أبي أيوب الأنصاري على ابن عباس وهو بعدُ بالبصرة ، وكانت وفادته بعد وفادة على معاوية كانت مخيبة لآماله ، فلم يرَ الحسن ولم يسمع من معاوية غير السخرية والتهكّم بالانصار وبحديث الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم). لذلك يمّم وجهه شطر ابن عباس ، فأسدى له ومعه ما مرّ ذكره من تكريم وعطاء لم يكن ليحلم ببعضه عند معاوية.
ولعل خبر هذه الوفادة وصل إلى معاوية فغاضه أن يكون لبني هاشم شأنٌ يذكر ، ورأس يُشار إليه ويُقصد ، وهو الّذي قد كادَ سيّد بني هاشم الإمام الحسن (عليه السلام) حتى استلب الحكم من يده فسالمه مضطراً ، إذن لماذا يترك ابن عباس وشأنه ، وهو لم يبايع سالماً ، ولا يزال يمارس نشاطه مراغماً ، فكتب إليه بما مرّ ذكره ، وأجابه ابن عباس بجواب تقدّم شطره وسطره. وبعد هذا فلا يعني بقاء ابن عباس بالبصرة بعد الصلح محتملاً الا أن يقيم كسائر المواطنين تحت ولاية الوالي الذي سيرسله معاوية ، وما يدريه ماذا تحمله له الأيام مع الوالي الجديد. إلاّ أنّها بلا شك لا تحمل له ما يطمئنه بالراحة ويبشّره بالخير. فعليه أن يرحل وعليه أن يتهيأ للمغادرة ، ويستعد للعودة إلى الحجاز ـ مكة أو المدينة ـ حيث مهبط الوحي ومنتدى الأهل ، وقد عاد من قبلُ إمامُه الحسن (عليه السلام) وأهلُ بيته الكرام ، ففارقوا الكوفة ، وهي في نفس ابن عباس سيدة البصرة ، ولعل مرارة تجرّعه الغيظ
____________
(١) راجع مجمع الزوائد ٩ / ٣٢٣ ، وقال : رواه الطبراني.
(٢) سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٣٦ ط مصر ، و ٤ / ٥٩ و ٦٣ ط دار الفكر ببيروت.
(٣) تاريخ ابن كثير ٣ / ٢٠٢.