أن نصبر ، قال : فاصبروا إذن. فأتى عبد الله بن عباس بالبصرة وقد أمّره عليّ (رضي الله عنهما) عليها. فقال : يا أبا أيّوب أريد أن أخرج لك عن مسكني كما خرجت لرسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم ، فأمر أهله فخرجوا ، وأعطاه كلّ شيء أغلق عليه الدار ، فلمّا كان انطلاقه قال : حاجتك؟ قال : حاجتي عطائي وثمانية أعبد يعلمون في أرضي ، وكان عطاؤه أربعة آلاف فأضعفها له خمس مرات ، فأعطاه عشرين ألفاً وأربعين عبداً » (١).
وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك لا يخلو من فوائد واليك بلفظه : « إنّ أبا أيوب الأنصاري أتى معاوية فذكر له حاجة ، قال : ألست صاحب عثمان؟ قال : أمّا إنّ رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم قد أخبرنا انّه سيصيبنا بعده إثرة ، قال : وما أمركم؟ قال : أمرنا أن نصبر حتى نرد عليه الحوض ، قال : فاصبروا. فغضب أبو أيوب وحلف أن لا يكلّمه أبداً.
ثمّ إنّ أبا أيوب اتى عبد الله بن عباس فذكر له ذلك ، فخرج له عن بيته كما خرج أبو أيوب لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن بيته ، وقال : أيش تريد؟ قال : اربعة أغلمة يكونون في محلي ، قال : لك عندي عشرون غلاماً » (٢).
ورواه مرة أخرى وفيه : « وكان قدم عليه البصرة ، ففرغ له بيته ، وقال : لأصنعنّ بك كما صنعت برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وقال : كم عليك من الدين؟ قال : عشرون ألفاً ، قال : فأعطاه أربعين ألفاً وعشرين مملوكاً وقال : لك ما في البيت. قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه » (٣). ووافقه الذهبي في
____________
(١) المعجم الكبير ٤ / ١٢٥ ط الموصل ، ورواه بسند أخر في ٤ / ١٢٦.
(٢) مستدرك الحاكم ٣ / ٤٥٩.
(٣) نفس المصدر / ٤٦٠.