ـ اسم جمل عائشة ـ وحزب الشيطان ، واشتدّ عليهم ، فكبر ذلك على رجال منهم ممّن أخلصوا للإمام في الطاعة وكانوا من شيعته كجارية بن قدامة السعدي الّذي كتب إلى الإمام يخبره بجفاء ابن عباس وإضرار ذلك بهم ، فكتب الإمام إلى ابن عباس يأمره بالعفو عنهم ، وتقريبهم ليتألف بذلك قلوبهم.
(أمّا بعد فخير الناس عند الله غداً أعلمهم بطاعته فيما عليه وله ، وأقواهم بالحقّ وإن كان مرّاً ، ألا وإنّه بالحقّ قامت السموات والأرض فيما بين العباد ، فلتكن سريرتك فعلاً ، وليكن حملك واحداً ، وطريقتك مستقيمة ، واعلم أنّ البصرة مهبط إبليس ومغرس الفتن ، فحادث أهلها بالإحسان إليهم ، واحلل عقدة الخوف عن قلوبهم ، وقد بلغني تنمرّك لبني تيم وغلظتك عليهم ، وإنّ بني تميم لم يغب منهم نجم إلاّ طلع لهم آخر ، وأنّهم لم يسبقوا بوغم (١) في جاهلية ولا إسلام ، وإنّ لهم بنا رحماً ماسّة (٢) ، وقرابة خاصة (٣) ، نحن مأجورون على صلتها ،
____________
(١) الوغم : الحرب ، والحقد ، والثار أي لم يسبقهم أحد في البأس.
(٢) حكى ابن أبي الحديد في شرح النهج ٣ / ٤٢٥ ط مصر الأولى عن أبي عبيدة معمر بن المثنى ذكر في كتابه التاج : ان لبني تميم مآثر لم يشركهم فيها غيرهم ... وحكى عنه في / ٤٢٧ انّه قال : ولبني عمرو بن تميم خصال تعرفها لهم العرب ولا ينازعهم فيها أحد : فمنها اكرم الناس عماً وعمّة وجداً وجدة ، وهو هند بن أبي هالة واسم أبي هالة نباش بن زرارة أحد بني عمرو بن تميم ، كانت خديجة بنت خويلد قبل النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تحت أبي هالة ، فولدت له هنداً ثمّ تزوجها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهند بن أبي هالة غلام صغير فتبناه النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثمّ ولدت خديجة من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) القاسم والطاهر وزينب ورقية وام كلثوم وفاطمة ، فكان هند بن أبي هالة أخاهم لأمهم ، ثمّ أولد هند بن أبي هالة هند بن هند ، فهند الثاني اكرم الناس جداً وجدة يعني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وخديجة وأكرم الناس عماً وعمة يعني بني النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبناته.
أقول : ما ذكره أبو عبيدة يثبت لهم الرحم الماسّة الّتي أشار اليها الإمام.
(٣) أمّّا القرابة الخاصة لعل المراد بها مصاهرة الإمام لهم حيث كانت عنده ليلى بنت مسعود الحنظلية من بني تميم وهي أم ولديه عبيد الله وأبي بكر كما في تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٨٩.