أمّا بعد : فانظر ما اجتمع عندك من غلات المسلمين وفيئهم ، فاقسمه على من قبلك حتى تغنيهم ، وابعث إلينا بما فضل نقسمه فيمن قبلنا والسلام » (١).
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : « وكان العمال يحملون المال من كور البصرة إلى ابن عباس فيكون هو الّذي يبعث به إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) » (٢).
٣ ـ قال نصر : « وكتب : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى عبد الله بن عباس أمّا بعد : فإنّ الإنسان قد يسرّه ما لم يكن ليفوته ، ويسوءه فوتُ ما لم يكن ليدركه وإن جهد ، فليكن سرورك فيما قدّمت من حكم أو منطق أو سيرة ، وليكن أسفك على ما فرّطت لله فيه من ذلك ، ودع ما فاتك من الدنيا فلا تكثر به حزناً ، وما أصابك فيها فلا تبغ به سروراً ، وليكن همّك فيما بعد الموت. والسلام » (٣).
أقول : لقد روى الشريف الرضي (رحمه الله) هذا الكتاب مرّتين في نهج البلاغة.
الأولى : قال الشريف الرضي : « ومن كتاب له (عليه السلام) إلى عبد الله بن العباس وكان ابن عباس يقول : ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول الله كانتفاعي بهذا الكلام.
أمّا بعد : فإنّ المرء قد يسرّه درك ما لم يكن ليفوته ، ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه ، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك ، وليكن أسفك على ما فاتك منها ، وما نلت من دنياك فلا تكثر به فَرَحاً ، وما فاتك فلا تأسَ عليه جزعاً ، وليكن همّك فيما بعد الموت » (٤).
____________
(١) نفس المصدر.
(٢) شرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ٢٧٠ ط مصر الاُولى.
(٣) وقعة صفين / ١١٩ ط ١ بمصر بتحقيق هارون.
(٤) شرح النهج البلاغة لمحمد عبده٣ / ٢٣ ط الاستقامة.