وقام إليه عمرو بن مرجوم العبدي ، فقال : وفّق الله أمير المؤمنين ، وجمع له أمر المسلمين ، ولعن المحلّين القاسطين ، الذين لا يقرءون القرآن ، نحن والله عليهم حنقون ، ولهم في الله مفارقون. فمتى أردتنا صحبتك خيلُنا ورجلُنا.
وأجاب الناس وخفّوا ، فاستعمل ابن عباس على البصرة أبا الأسود الدؤلي ، وخرج حتى قدم على عليّ ومعه رؤوس الأخماس :
خالد بن المعمّر السدوسي (١) على بكر بن وائل ، وعمرو بن مرحوم العبدي (٢) على عبد القيس ، وصبرة بن شيمان الأزدي (٣) على الأزد ، والأحنف بن قيس (٤) على تميم وضبة والرباب ، وشريك بن الأعور الحارثي (٥) على أهل العالية.
____________
(١) خالد بن المعمّر السدوسي ، من رؤساء بني بكر في عهد عمر ، وكان مع الإمام عليّ في الجمل وصفين ومن أمراء جيشه أدرك عصر النبوة وبقي حتى عهد معاوية فولاّه إمرة إرمينية فقصدها فمات في طريقه إليها بنصبين. الأعلام للزركلي ٢ / ٣٤٠.
(٢) عمرو بن مرحوم العبدي كانت إليه رئاسة عبد القيس وله موقف مشرّف ومشكور في فتنة ابن الحضرمي كما سيأتي الحديث عنها في أيام الإمام الحسن (عليه السلام) ، وقد عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).
(٣) صبرة بن شيمان الأزدي ، رأس الأزد في أيامه وقائدهم في وقعة الجمل ، كان مع عائشة على يسارها ، وله كلام مع معاوية وقد اجتمعت الوفود عنده فتكلموا فأكثروا فقام صبرة فقال يا أمير المؤمنين ، إنا حيّ فعال ولسنا بحيّ مقال ، ونحن بأدنى فعالنا عند أحسن فعالهم ، فقال : صدقت. الأعلام للزركلي ٣ / ٢٨٦.
(٤) الأحنف بن قيس سيّد بني تميم ، أحد عظماء الدهاة الفصحاء الشجعان ، يضرب به المثل في الحلم ، اعتزل الحرب يوم الجمل ثمّ شهد صفين مع الإمام عليّ (عليه السلام) ولما تولى معاوية الأمر بعد الصلح مع الإمام الحسن (عليه السلام) عاتبه معاوية فأغلظ له في الجواب فسئل معاوية عن صبره عليه فقال : هذا الّذي إذا غضب غضب له مئة ألف لا يدرون فيم غضب. توفي بالكوفة سنة / ٧٢ هـ وأخباره كثيرة جمع الجلودي كتاب (أخبار الأحنف) وللزركلي أيضاً نحو ذلك.
(٥) شريك بن الأعور الحارثي هو ابن عبد الله الأعور البصري كان من شيعة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بالبصرة جليل القدر شهد صفين وقاتل مع عمار بن ياسر ، وهو الّذي أتى به ابن زياد معه من البصرة إلى الكوفة حين قدمها لضبطها من الثورة على الأمويين وقد دخلها مسلم بن عقيل ، فنزل شريك على هاني بن عروة وبها مسلم فحرّضه على اغتيال ابن زياد حين يأتي لعيادته وكان مريضا ، ومات بالكوفة سنة ٦٠ ودفن بالثوية ، وصلّى عليه ابن زياد ، ولما علم ابن زياد انّه كان يحرّض على قتله قال : والله لا أصلي على جنازة عراقي أبداً ، ولولا ان قبر زياد فيهم لنبشت شريكاً. تاريخ الطبري ٦ / ٢٠٢ ط الحسينية.