فقال عمر : هلا تنشدني من شعره أبياتاً نستدل بها على قولك فيه؟
قال : نعم ، مدح قوماً من غطفان يقال لهم بنو سنان ، فقال :
هل في تذكّر أيام الصبا فند (١) |
|
أم هل لما فات من أيامه رددُ |
أم هل يلامنَّ باكٍ هاج عبرته |
|
بالحجر إذ شفّه الوجدُ الذي يجد (٢) |
أوفى على شرفٍ نشزٍ فأزعجه |
|
قلبٌ إلى آل سلمى تائقٌ كمدُ (٣) |
متى ترى دار حيّ عهدنا بهمُ |
|
حيثُ التقى الغور من نعمان والنجد (٤) |
لهم هوىً من هوانا ما يقرّبنا |
|
ماتت على قربه الأحشاء والكبد |
إني لما استودعتني يوم ذي غُذُمٍ |
|
راعٍ إذا طال بالمستودع الأمد (٥) |
إن تمس دارهمُ عنا مباعدة |
|
فما الأحبةُ إلا هم وإن بعدوا |
يا صاحبيّ انظرا والغور دونكما |
|
هل يبدونَّ لنا فيما نرى الجمد (٦) |
هيهات هيهات من نجد وساكنه |
|
من قد أتى دونه البغثاء والثمدُ (٧) |
____________________
(١) فند : الخطأ في القول والرأي.
(٢) شفّه : براه وأسقمه ، الوجد : الحبّ الشديد.
(٣) شرف : المكان العالي ، النشر : المرتفع.
(٤) الغور : ما انهبط من الأرض ، ضد النجد وهو ما ارتفع ، جمعه أنجد وأتجاه ونجاد ونجود ونجد.
(٥) ذوغذم بضمتين موضع من نواحي المدينة.
(٦) الجمدُ : بضمتين جبل لبني نصر بنجد.
(٧) البغثاء : أخلاها الناس ، ولعل الأبغث موضع ذو رمل وحجارة كما في تاج العروس وقد أهمله ياقوت ، والمد : الماس القليل الذي لا مادة له ، ولعل البغثاء والثمد موضعان بعينهما.