وإلآن إلى قراءة بعضها ، ولنبدأ بما رواه الطبري في تاريخه :
( بسند عن حمران بن أبان ، قال : أرسلني عثمان إلى العباس بعدما بويع فدعوته له ، فقال : مالك تعبدتني ـ ( تبعّدتني ظ )؟ قال : لم أكن قط أحوج إليك مني اليوم. قال ـ العباس ـ : الزم خمساً لا تنازعك الأمة خزائمها ما لزمتها. قال : وما هي؟ قال : الصبر عن القتل ، والتحبب ، والصفح ، والمدارات ، وكتمان السر ) (١).
ولكن عثمان لم يلتزم بنصيحة العباس ، بل استمر على حاله ، فاتسع الخرق على الراقع ، حتى عجز العباس من رأب الصدع ، مع ما كان فيه من حنكة رأي وجودة تدبير ، حتى قيل له داهية قريش ، ولمّا رأى تسافل الحال ونذر الشر بدت تلوح في الأفق ، فصار يدعو ربّه أن يسبق به أجله قبل وقوع الكارثة التي بدت بوادرها تنذر بشر مستطير فإستجاب له ربّه ، فما كانت إلاّ جمعة حتى لقي ربّه.
أمّا عن مواقفه في نصيحة عثمان في كفّ أذاه عن الإمام عليه السلام وعن الأمّة فهي متعددة ، أذكر بعضها :
فمنها ما ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج ، قال :
( روى الزبير بن بكار في كتابه الموفقيات ، عن عبد الله بن عباس ، قال : ما سمعت من أبي شيئاً قط في أمر عثمان يلومه فيه ولا يعذره ، ولا سألته عن شيء من ذلك مخافة أن أهجم منه على ما لا يوافقه ، فأنا عنده
____________________
(١) تاريخ الطبري ٤ / ٤٠٠ ط دار المعارف بمصر.