واعلم أنّ كلّ دم أراقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسيف عليّ عليه السلام وبسيف غيره ، فإنّ العرب بعد وفاته عليه السلام عصبت تلك الدماء بعليّ بن أبي طالب عليه السلام وحده ، لأنّه لم يكن في رهطه مَن يستحق في شرعهم وسنتهم وعادتهم أن يعصب به تلك الدماء إلاّ بعليّ وحده ، وهذه عادة العرب إذا قتل منها قتلى طالبت بتلك الدماء القاتل ، فإن مات أو تعذرت عليها مطالبته طالبت بها أمثل الناس من أهله. لمّا قتل قوم من بني تميم أخاً لعمرو بن هند ، قال بعض أعدائه يحرض عمراً عليهم :
من مبلغ عمراً بأن المرء لم يخلق صُباره |
|
وحوادث الأيام لايبقى لها إلاّ لحجاره |
ها إنّ عجزة أمه بالسفح أسفل من أواره |
|
تسفي الرياح خلال كشيحه وقد سلبوا أزاره |
فاقتل زرارة لا أرى في القوم أمثل من زرارة
أن يقتل زرارة بن عدس رئيس بني تميم ، ولم يكن قاتلاً أخا الملك ولا حاضراً قتله. ومن نظر في أيام العرب ووقائعها ومقاتلها عرف ما ذكرناه ) (١).
____________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٣ / ٢٨٣ ط الأولى بمصر.