ما لي ولفيئكم وأخذ مالكم ، ألست من أكثر قريش مالاً وأظهرهم من الله نعمة؟ ألم أكن على ذلك قبل الإسلام وبعده؟
وهبوني بنيت منزلاً من بيت المال أليس هو لي ولكم؟ ألم أقم أموركم ، وأني من وراء حاجاتكم؟ فما تفقدون من حقوقكم شيئاً؟ فلم لا أصنع في الفضل ما أحببت؟ فلِمَ كنت إماماً إذاً؟
ألا وإنّ من أعجب العجب أنّه بلغني عنكم أنّكم تقولون : لنفعلن به ولنفعلن ، فبمن تفعلون؟ لله آباؤكم ، أبنقد البقاع أم بفقع القاع؟ ألست أحراكم إن دعا أن يجاب؟ وأقمنكم إن أمر أن يطاع؟ لهفي على بقائي فيكم بعد أصحابي ، وحياتي فيكم بعد أترابي ، يا ليتني تقدمت قبل هذا ، لكني لا أحبّ خلاف ما أحبّه الله لي عليه السلام. إذا شئتم ، فإنّ الصادق المصدّق محمداً صلى الله عليه وآله وسلم قد حدثني بما هو كائن من أمري وأمركم ، وهذا بدء ذلك وأوّله ، فكيف الهرب ممّا حتم وقدّر. أما أنّه عليه السلام قد بشّرني في آخر حديثه بالجنة دونكم إذا شئتم ، فلا أفلح من ندم.
قال : ثمّ همّ بالنزول فبصر عليّ بن أبي طالب عليه السلام ومعه عمّار بن ياسر رضي الله عنه وناس من أهل هواه يتناجون ، فقال : أيهاً أيهاً اسراراً لا جهاراً ، أما والذي نفسي بيده ما أحنق على جرة ولا أوتى على ضعف مرّة ، ولولا النظر لي ولكم والرفق بي وبكم لعاجلتكم فقد أغتررتم ، وأقلتم من أنفسكم ، ثمّ رفع يديه يدعو ويقول : اللّهمّ قد تعلم حبّي للعافية فألبسنيها ، وإيثاري للسلامة فاتنيها.