منتصراً ، ورسولاً لإمام غدا مظفّراً ، فلعلّ شعورها بالفشل والخيبة دعاها إلى أن تحجب ابن عباس من الدخول عليها ، لئلا تراه في عزّ النصر ، ويراها في ذلّ الهزيمة.
أو لعلّها لم تأذن له لئلا يرى بيوتاً في دار ابن خلف ضمت فلول الناكثين ، أخفتهم معها حيث منحها الإمام عليه السلام الحماية الكافية ، فهي تحميهم بكنفها ، وإن شملهم العفو العام.
وما يدرينا لعلّهما معاً إعتملا في نفسها فلم تأذن له.
ومهما يكن مردّ ذلك المنع ، فلم يكن منعها برادع لابن عباس وهو رسول الإمام عليه السلام ، وحبر الأمة لا يخفى عليه وجه فقاهة الدخول بغير إذنها ، إلاّ أنّه الأدب القرآني الذي كان ابن عباس ترجمانه يأمره بالآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )(١).
ولعلّ عائشة أيضاً تخيّلت أنّها بمنعه من الدخول عليها ، ستغلبه بقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النبيّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ )(٢).
ولم تدر أنّ ابن عباس أوعى منها لأحكام القرآن كما سيتبين ذلك عند قراءة نص المحاورة.
____________________
(١) النور / ٢٧.
(٢) الأحزاب / ٥٣.