اجتمع بها في الصلصل سنة ٣٥ هـ حيث ضمّهما المنزل وكلاهما في الطريق إلى مكة ، وكان ابن عباس أمير الموسم في تلك السنة ، فحرّضته على عثمان ودعته إلى الهتاف بطلحة ، وقد مرّ بنا في الجزء الثالث من الحلقة الأولى خبر ذلك مفصّلاً.
ومن بعد ذلك كانت مواقف سفارته بين الإمام وبين زعماء الناكثين وهي منهم ، وكلّها كانت مواقف نصيحة لها من ابن عباس أن لا تخوض فيما وضع عنها وعن النساء ، وعليها أن ترجع إلى بيتها وتقرّ فيه كما أمرها الله ، ولكنه لم يجد لديها أذناً صاغية.
وآخر موقف كان قبيل نشوب الحرب ، إذ أرسله الإمام عليه السلام وهو يحمل مصحفاً ليدعو القوم إلى ما فيه فاجتمع بطلحة والزبير ، ولمّا أتى عائشة وكانت في هودجها تحفّها الأزد وضبّة ، وقد أخذ كعب بن سور القاضي بخطام الجمل ، فلمّا رأته نادته ما الذي جاء بك يا بن عباس ، والله ما سمعت منك شيئاً ، ارجع إلى صاحبك وقل له ما بيننا وبينك إلاّ السيف ، وتعاوت الغوغاء من حولها : ارجع يا بن عباس لا يسفك دمك.
فهذا التشنّج المذموم مع رسول يطلب حكم الكتاب لحقن الدماء ، لا شك له أثره في نفس ابن عباس ، كما لا شك أيضاً له ذكراه الأليمة في نفس قيادة مهزومة.
والآن أتاها وقد تبدّل الموقف على الساحة ، فهي كانت رأساً تقود جيشاً ، وأضحت الآن أسيرة حرب ، ورهينة مغلوبة. وأصبح ابن عباس قائداً