بعثني إليكِ يأمركِ بالمسير إلى المدينة.
فقالت : رحم الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
قلت : صدقت قد كان عمر أمير المؤمنين رغماً ، وهذا والله أمير المؤمنين حقاً ، أما والله لهو أمسّ برسول الله رحماً ، وأوجب حقاً ، وأعلم علماً ، وأحلم حلماً ، وأقدم سلماً من أبيكِ ومن عمر.
قالت : أبيت ذلك يا بن عباس.
قلت : أما والله لقد كان إباؤك لقصير المدة ، ظاهر الشؤم عليك ، بيّن النكال ، وما كنتِ إلاّ كحلب الشاة حتى ما تأخذين ولا تعطين ، ولا تأمرين ولا تنهين ، ولا كنت إلاّ كما قال أخو بني أسد ( حيث ) يقول :
ما زال إهداء القصائد بيننا |
|
شتم الصديق وكثرة الألقاب |
حتى تُركتِ كأن قولكِ بينهم |
|
في كل محتفل طنين ذباب |
فأوردت دمعتها نشيجها ، ثمّ قالت : أرحل والله عنكم ، أما والله ما في الأرض بلدة أبغض إليّ من بلدة أراكم فيها يا بني هاشم.
قلت : أما والله ما ذاك ببلائنا عندك ، ولا بأثرنا عليكِ ، جعلناكِ للمؤمنين أمّاً وأنت ابنة أم رومان ، وجعلنا أباكِ صدّيقاً وهو ابن أبي قحافة ، وأنتِ تسمّين بنا أم المؤمنين لا بتيم وعدي.
قالت : تمنّون عليَّ برسول الله يا بن عباس.
قلت : ولِمَ لا نمنّ عليكِ بمن لو كانت فيكِ شعرة منه لمننتِ علينا ،