قال ابن عباس : فجئتها ، فاستأذنت عليها فلم تأذن لي. فدخلت عليها بغير إذن ، وعمدت إلى وساد كان في البيت فجلست عليه.
فقالت : تالله ما رأيت مثلك يابن عباس! تدخل بيتي وتجلس على وسادي بغير إذني؟
قال : فقلت لها : والله ما هو بيتك إلاّ الذي أمرك الله أن تقري فيه فلم تفعلي. إنّ أميرالمؤمنين يأمرك بالمسير إلى المدينة.
فبكت وقالت : رحم الله أميرالمؤمنين ، ذاك عمر بن الخطاب.
فقلت لها : نعم وهذا أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب.
فقالت : أبيت أبيت.
فقلت لها : ما كان إباؤك إلاّ مثل فواق ناقة بكيّة (١) ثمّ صرت لا تحلين ولا تُمرين.
فقالت : نعم أسير ، إنّ أبغض البلاد إليَّ بلد أنتم فيه.
فقلت : والله ما كان هذا جزاؤنا منك ، أن صيّرناك للمؤمنين أمّاً ، وصيّرنا أباكِ لهم صدّيقاً.
فقالت : أتمنّ عليّ برسول الله يابن عباس؟
قلت : بلى والله نمن عليك بمن لو كان منك بمنزلته منا لمننتِ به علينا ) (٢).
____________________
(١) من المضحك ما جاء في الهامش : بكية كثيرة البكاء ، والصحيح غير ذلك بل الناقة البكية التي قلّ لبنها ( قطر المحيط ).
(٢) الجوهرة في نسب النبيّ وأصحابه العشرة لمحمّد بن أبي بكر ٢ / ٢٩٥ ـ ٢٩٦ تح ـ د محمّد القوشنجي الاستاذ بجامعة حلب ط دار الرفاعي.