وسادة كانت في رحلها فقعدت عليها.
فقالت : يا بن عباس أخطأت السنّة ، قعدت على وسادتنا في بيتنا بغير إذننا.
فقلت : ليس هذا بيتك الذي أمرك الله أن تقرّي فيه ، ولو كان بيتك ما قعدت على وسادتك إلاّ بإذنك ، ثمّ قلت : إنّ أمير المؤمنين أرسلني إليك يأمركِ بالرحيل إلى المدينة.
فقالت : وأين أمير المؤمنين ذاك عمر.
فقلت : عمر وعليّ.
قالت : أبيت.
قلت : أما والله ما كان إباؤك إلاّ قصير المدة عظيم المشقة ، قليل المنفعة ، ظاهر الشؤم ، بيّن النكد ، وما عسى أن يكون إباؤك؟ والله ما كان أمرك إلاّ كحلب شاة ، حتى صرت لا تأمرين ولا تنهين ولا تأخذين ولا تعطين ، وما كنتِ إلاّ كما قال أخو بني أسد :
ما زال إهداء الصغائر بيننا |
|
نثّ الحديث وكثرة الألقاب |
حتى نزلتِ كأن صوتكِ بينهم |
|
في كل نائبة طنين ذباب |
قال : فبكت حتى سمع نحيبها من وراء الحجاب ، ثمّ قالت : إنّي معجّلة الرحيل إلى بلادي إن شاء الله تعالى ، والله ما من بلد أبغض إليّ من بلد أنتم فيه.