نفسها أم المؤمنين رجالاً ونساءً! بينما كانت أم المؤمنين أم سلمة ترى أنّها أم المؤمنين رجالاً ونساءاً. أخرج ابن سعد في ( الطبقات ) بسنده : ( عن مسروق ، عن عائشة في قوله : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ )(١). قال : فقالت لها أمرأة : يا أمه ، فقالت عائشة : أنا أم رجالكم ولست أم نسائكم ، قال : فذكرت هذا الحديث لعبد الله بن موسى المخزومي ، فقال : أخبرني مصعب بن عبد الله بن أبي أمية عن أم سلمة ، أنّها قالت : أنا أم الرجال منكم والنساء ) (٢).
أقول : وأحسب أنّ عائشة قالتها في ساعة غضب على النساء اللاتي كنّ يسألنها عن شرعية خروجها في حرب الجمل كأم جميع وأضرابها.
وإلى هنا فلنترك الأفغاني ونبعده قصياً ، بعد أن قرأناه نَسِيّاً وفَرِيّاً. ولنبصّر القارئ بأنّ الزركشي لم يكن دقيقاً في إختياره اسم كتابه ، إذ تبيّن أنّ ما ذكره تحت عنوان ( استدراكها على ابن عباس ) لم يكن خالياً من الإلباس ، وما ذكره لو يصح ولا يَصح ـ لا يعني أنّ بين عائشة وابن عباس من الوئام ما يصح معه زعم التواصل والتساؤل في الأحكام ، بل أنّ ابن عباس وعائشة عاشا بعد حرب الجمل متهاجرَيْن تقريباً ، وبقيا على حالهما كذلك حتى ماتت عائشة ، ولعلّه اشتدت المهاجرة والمخاصمة في عهد معاوية حين تناصرت هي وإياه على عداوة أهل البيت عليهم السلام. وكان ابن
____________________
(١) الأحزاب / ٦.
(٢) الطبقات الكبرى ٨ / ١٢٨.