فيكم هذه السنّة. فحتى متى أغض الجفون على القذى وأسحب الذيول على الأذى ، وأقول لعلّ الله وعسى ، ما تقول يابن عباس؟
قال : فتكلم ابن عباس ، فقال : رحم الله أبانا وأباك ، كانا صفيين أخوين متفاوضين ، لم يكن لأبي من مال إلاّ ما فضل لأبيك وكان أبوك كذلك لأبي. ولكن من هنّأ أباك بإخاء أبي أكثر ممن هنأ أبي بإخاء أبيكَ. نصر أبي أباك في الجاهلية وحقن دمه في الإسلام (١).
وأمّا إستعمال عليّ إيانا فلدينه دون هواه ، قمنا له بالحق ونصحنا في الله الخلق (٢) ، وقد استعملت أنت رجالاً لهواك لا لدينك ، منهم ابن الحضرمي على البصرة فقتل ، وبسر بن أرطاة على اليمن فخان غزا الحجاز وأخاف الحرمين مكة والمدينة وقتل منهما رجالاً ، وغزا الطائف وقتل منه رجالاً ، وذبح ابني عبيد الله أخي كفراً وظلماً وعدواناً من غير ذنب ولا جريمة ولم يبلغا الحلم ، وحبيب بن مرة على الحجاز فرُدّ والضحاك بن قيس الفهري على الكوفة فحصب ، واستعملت ابن عامر (٣) على الأنبار وما يليها فغزا أهلها ونهبوها كغزوا الروم والترك ، ونزعوا أقراط المرأة المسلمة من أذنيها واستحلوا سبيهم ، واستعملت زياد بن عبيد الدعيّ على العراق
____________________
(١) يشير إلى يوم جاء العباس بأبي سفيان وقد أردفه خلفه في فتح مكة فاستأمن له النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
(٢) ليت الذين اتخذوا تهمته : ببيت مال البصرة ذريعة للنيل من ابن عباس يقرءوا هذه المحاورة ويقفوا عند هذه الجملة يمعنوا النظر فيها ، فلو كان للتهمة نصيباً من الصحة لما سكت معاوية عن تعييره بها في هذا المقام وقد وافته الفرصة للرد عليه ..
(٣) في الكافي وشرح النهج ( أخو غامد ).