فقال ابن عباس : إنّ عمرواً داخل بين العظم واللحم ، والعصا واللحا ، وقد تكلم فليستمع ، فقد وافق قرناً. أما والله يا عمرو ، إنّي لأبغضك في الله وما أعتذر منه ، إنّك قمت خطيباً فقلت أنا شانئ محمد فأنزل الله عزّوجلّ : ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ )(١) ، فأنت أبتر الدين والدنيا ، وأنت شانئ محمد في الجاهلية والإسلام ، وقد قال الله تبارك وتعالى : ( لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )(٢) ، وقد حاددتَ الله ورسوله قديماً وحديثاً ، ولقد جهدت على رسول الله جهدك ، وأجلبت عليه بخيلك ورجلك ، حتى إذا غلبك الله على أمرك وردّ كيدك في نحرك وأوهن قوتك ، وأكذب أحدوثتك ، نزعت وأنت حسير ، ثم كدت بجهدك لعداوة أهل بيت نبيّه من بعده ، ليس بك في ذلك حبّ معاوية ولا آل معاوية ، إلاّ العداوة لله عزّوجلّ ولرسوله مع بغضك وحسدك القديم لأبناء عبد مناف ، ومثلك في ذلك كما قال الأوّل :
تعرض لي عمرو وعمرو خزاية |
|
تعرض ضبع القفر للأسد الورد |
فما هو لي ندٌّ فأشتم عرضه |
|
ولا هو لي عبدٌ فأبطش بالعبد |
فتكلم عمرو بن العاص ، فقطع عليه معاوية.
وقال : أما والله ياعمرو ما أنت من رجاله فإن شئت فقل وإن شئت فدع. فأغتنمها عمرو وسكت.
____________________
(١) الكوثر / ٣.
(٢) المجادلة / ٢١.