ومعاقد الحزم ، وتصريف الأمور ، من أن يقبل مشورتك فيما نهى الله عنه وعنف عليه ، قال سبحانه : ( لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )(١). إلى آخر الآية ، ولقد وقفك على ذكر مبين وآية متلوة ، قوله تعالى : ( وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً )(٢) ، وهل كان يسوغ له أن يحكّم في دماء المسلمين وفيء المؤمنين مَن ليس بمأمون عنده ، ولا موثوق به في نفسه ، هيهات هيهات هو أعلم بفرض الله وسنة رسوله ، أن يبطن خلاف ما يظهر إلاّ للتقية ، لات حين تقية ، مع وضوح الحق وثبوت الجنان ، وكثرة الأنصار ، يمضي كالسيف المصلت في أمر الله ، مؤثراً لطاعة ربّه ، والتقوى على آراء أهل الدنيا.
فقال يزيد بن معاوية : يا ابن عباس إنّك لتنطق بلسان طلق ، تنبئ عن مكنون قلب حرق ، فاطو ما أنت عليه كشحاً ، فقد محا ضوء حقنا ظلمةَ باطلكم.
فقال ابن عباس : مهلا يزيد ، فو الله ما صفت القلوب لكم منذ تكدّرت بالعداوة عليكم ، ولا دنت بالمحبّة إليكم مذ نأت بالبغضاء عنكم ، ولا رضيت اليوم منكم ما سخطت الأمس من أفعالكم ، وإن تدلّ الأيام نستقضي ما شذّ عنّا ، ونسترجع ما ابتزّ منّا ، كيلاً بكيل ووزناً بوزن ، وإن تكن الأخرى فكفى بالله وليّاً لنا ، ووكيلاً على المعتدين علينا.
____________________
(١) المجادلة / ٢٢.
(٢) الكهف / ٥١.