فقال عبد الرحمن بن أم الحكم : لله در ابن ملجم فقد بلغ الأمل وآمن الوجل ، وأحدّ الشفرة وألان المهرة ، وأدرك الثار ، ونفى العار ، وفاز بالمنزلة العليا ، ورقى الدرجة القصوى.
فقال ابن عباس : أما والله لقد كرع كأس حتفه بيده ، وعجّل الله إلى النار بروحه ، ولو أبدى لأمير المؤمنين صفحته ، لخالطه الفحل القطم (١) ، والسيف الخذم (٢) ، ولألعقه صاباً وسقاه سماماً ، وألحقه بالوليد وعتبة وحنظلة ، فكلّهم كان أشدّ منه شكيمة وأمضى عزيمة ، ففرى بالسيف هامهم ، ورملهمّ بدمائهم ، وقرى الذياب أشلاءهم ، وفرّق بينهم وبين أحبائهم ، أولئك حَصُب جهنم هم لها واردون ، فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً ، ولا غرو أن ختل ، ولا وصم إن قتل ، فأنّا لكما ، قال دريد بن الصمة :
فإنّا للحم السيف غير مكرّه |
|
ونلحمه طوراً وليس بذى نكر |
يغار علينا واترين فيشتفى |
|
بنا إن أصبنا أو نغير على وتر |
فقال المغيرة بن شعبة : أما والله لقد أشرت على عليّ بالنصيحة فآثر رأيه ، ومضى على غلوائه ، فكانت العاقبة عليه لا له ، وإنّي لأحسب أنّ خَلفَه يقتدون بمنهجه.
فقال ابن عباس : كان والله أمير المؤمنين عليه السلام أعلم بوجوه الرأي ،
____________________
(١) قطِم الفحل ، بالكسر أي اهتاج وأراد الضراب ( الصحاح ـ قطم ).
(٢) السيف الخذم ، القاطع ( الصحاح ـ خذم ).