دعواكم ، أنظروا فإن كان القوم أخذوا حقكم فاطلبوهم ، وإن كانوا أخذوا حقهم فسلّموا إليهم ، فإنّه لا ينفعكم أن تروا لأنفسكم ما لا يراه الناس لكم. ثم سكت.
فالتفت إليه حبر الأمة ابن عباس لسان قريش وترجمان القرآن قائلاً : ندّعي هذا الأمر بحق مَن لولا حقّه لم تقعد مقعدك هذا ، ونقول كان ترك الناس أن يرضوا بنا ، ويجتمعوا علينا حقاً ضيّعوه وحظاً حرموه ، وقد إجتمعوا على ذي فضل لم يخطئ الورد والصدر ، ولا ينقص فضل ذي فضل فضل غيره عليه ، قال الله عزوجل : ( وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ )(١).
فأمّا الذي منعنا من طلب هذا الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعهدٌ منه إلينا قبلنا فيه قوله ، ودِنّا بتأويله ، ولو أمرنا أن نأخذه على الوجه الذي نهانا عنه لأخذناه أو أعذرنا فيه ، ولا يعاب أحد على ترك حقه ( إنّما المعيب من يطلب ما ليس له ).
وكلّ صواب نافع وليس كلّ خطأ ضاراً. انتهت القضية إلى داود وسليمان فلم يفهمها داود وفُهِمّها سليمان ولم يضّر داود.
فأمّا القرابة فقد نفعتْ المشرك وهي للمؤمن أنفع. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنت عمي ـ العباس ـ وصنو أبي ، ومن أبغض العباس فقد أبغضني ، وهجرتك آخر الهجرة ، كما أن نبؤتي آخر النبوة ) ، وقال لأبي طالب عند موته : ( يا عم قل لا إله إلاّ الله أشفع لك بها غداً ، وليس ذاك لأحد من
____________________
(١) هود / ٤.