قال : رحم الله أبا بكر ، كان والله للقرآن تالياً ، وعن المنكر ناهياً ، وبذنبه عارفاً ، ومن الله خائفاً ، وعن الشبهات زاجراً ، وبالمعروف آمراً ، وبالليل قائماً ، وبالنهار صائماً ، فاق أصحابه ورعاً وكفافاً (١) ، وسادهم زهداً وعفافاً ، فغضب الله على من أبغضه وطعن عليه.
قال معاوية : أيهاً (٢) يابن عباس فما تقول في عمر بن الخطاب؟
قال : رحم الله عمر ، كان والله حليف الإسلام ، ومأوى الأيتام ، ومنتهى الإحسان ، ومنهل الإيمان ، وكهف (٣) الضعفاء ، ومعقل الحنفاء (٤) ، قام بحق الله عزّوجلّ صابراً محتسباً (٥) ، حتى أوضح الدين وفتح البلاد ، وآمن العباد ، فأعقب الله على من ينقصه اللعنة إلى يوم الدين.
قال : فما تقول في عثمان؟
قال : رحم الله أبا عمرو كان والله أكرم الجعدة ، وأفضل البررة ، هجاداً بالأسحار ، كثير الدموع عند ذكر النار ، نهّاضاً عند كلّ مكرمة ، سبّاقاً إلى كلّ منحة ، حيّياً أبياً وفياً ، صاحب جيش العسرة ، وختن (٦) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأعقب الله على من لعنه لعنة اللاعنين إلى يوم الدين.
____________________
(١) أي رضي بالكفاف ، والكفاف من الرزق ما كفّ عن الناس وأغنى.
(٢) أي حسبك وهو أمر بالسكوت عن الإسترسال في الكلام.
(٣) الكهف : اللجأ وكذلك المعقل.
(٤) الحنفاء : جمع حنيف وهم النسآك.
(٥) أحتسب أجراً عند الله بفعله كذا طلب الأجر منه تعالى.
(٦) ختن الرجال ـ عند العامة ـ زوج ابنته.