تأخذه في الله لومة لائم ، يكون شديداً في غير عنف ، ليّنا في غير ضعف ، جواداً في غير سرف ، بخيلاً في غير وكف ... ) (١).
ونعود إلى ابن عباس في شعره وشاعريته.
فهو مع ما كان عليه في هذا الجانب من التميّز والمعرفة ، لكنّه لم يكن في ممارسته لنظم الشعر كذلك ، كما سنقرأ بعض ما ينسب إليه من الشعر ، وليس بالضرورة أن نقطع بصحة جميع ما نسب إليه ، كما ليس من حجة لنفي ذلك عنه ، ولعلّ التفاوت بين قوة وضعف المنسوب إليه من الشعر خاصةٌ نابع من قوة وضعف المزاج ، وتابع لمدى إنفعالية النفس بالحدث أيضاً ، تبعاً لمراحل المرء في حياته وحالاته ، إذ لا يكون على حالة واحدة دائماً من النشاط الفكري في جميع أوقاته.
ثم إنّ ما نسب إليه من الشعر ، منه ما يمكن معرفة زمان نظمه تقريباً ، كما في أبياته التي قالها في رثاء الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وما قاله في زوجته فاطمة الزهراء عليها السلام ، وفي رثاء ابنه الإمام الحسن ، فتفاوت الزمان وما مرّ به من الحوادث ممّا يوهي القوى يوحي بالكآبة والحزن ، ولهما من التأثير البالغ على المرء مهما أوتي من صبر ، إلاّ أنّه حين تستشار عزيمته فهو أمضى عزماً وأقوى جناناً وسرعة بديهة ، كما في مناظرته مع ابن الزبير وهي في آخر سنيّ حياته.
____________________
(١) تاريخ المدينة للنميري ٣ / ٨٨١.
وروى هذا ابن أبي الحديد في شرح النهج ٦ / ٣٢٦ نقلاً عن أمالي ثعلب ولم أجده في المطبوع من مجالسه.