ذكر ابن قتيبة في ( الإمامة والسياسة ) كلام معاوية مع النفر مهدداً ومتوعداً بالقتل كما مرّ ، ثمّ قال : ( فلمّا كان صبيحة اليوم الثاني أمر بفراش فوضع له وسوّيت مقاعد الخاصة حوله وتلقاءه من أهله ، ثمّ خرج وعليه حلّة يمانية وعمامة دكناء وقد أسبل طرفها بين كتفيه ، وقد تغلّف وتعطّر فقعد على سريره ، وأجلس كتّابه منه بحيث يسمعون ما يأمر به ، وأمر حاجبه أن لا يأذن لأحد من الناس وإن قرب ، ثمّ أرسل إلى الحسين بن عليّ وعبد الله بن عباس ، فسبق ابن عباس ، فلمّا دخل وسلّم عليه أقعده في الفراش على يساره فحادثه مليّاً.
ثمّ قال : يا بن عباس لقد وفّر الله حظكم من مجاورة هذا القبر الشريف ودار الرسول عليه السلام.
فقال ابن عباس : نعم أصلح الله أمير المؤمنين وحظنا من القناعة بالبعض والتجافي عن الكلّ ، أوفر.
فجعل معاوية يحدثه ويحيد به عن طريق المجادلة ، ويعدل إلى ذكر الأعمال على اختلاف الغرائز والطباع. حتى أقبل الحسين بن عليّ ، فلمّا رآه معاوية جمع له وسادة كانت على يمينه ، فدخل الحسين وسلّم ، فأشار إليه فأجلسه عن يمينه مكان الوسادة ، فسأله معاوية عن حال بني أخيه الحسن وأسنانهم ، فأخبره ثمّ سكت.
قال : ثمّ ابتدأ معاوية ، فقال : فالحمد لله وليّ النعم ومنزل النقم ، وأشهد