فلعمري ما عليك في جود من عيب.
وأمّا قولك : ذهب عليّ أفترجون مثله؟ فمهلاً يا معاوية رويداً لا تعجل ، فهذا الحسين بن عليّ وهو حيّ وهو ابن أبيه ، واحذر أن تؤذيه يا معاوية ، فيؤذيك أهل الأرض ، فليس على ظهرها اليوم ابن بنت نبيّ سواه.
فقال معاوية : إنّي قد قبلت منك يا بن عباس.
قال : ثمّ رحل معاوية إلى مكة ورحل معه كافة أصحابه وعامّة أهل المدينة وفيهم عبد الله بن عباس ) (١).
وأظنّ نحو إيهام في العبارة : ( ورحل معه كافة ... وفيهم عبد الله بن عباس )! إذ لا يعني أنّ عبد الله بن عباس ممّن خرج مع معاوية في ركابه كما قد يتوهم ذلك. بل كان خرج منفصلاً عن معاوية ، فقد كان له موكب كما كان لمعاوية موكب.
فقد أخرج ابن عبد البر في ( الإستيعاب ) ، وابن حجر في ( الصواعق ) عن يزيد ابن الأصم ، قال : ( خرج معاوية حاجاً معه ابن عباس ، فكان لمعاوية موكب ولابن عباس موكب ممّن يطلب العلم ـ فالمعيّة معه إنّما هي معيّة الطريق بدلالة تعدّد الموكبين ـ كما أنّهما إجتمعا في الطواف ، فكان معاوية يستلم الأركان كلّها فأنكر عليه ابن عباس ذلك ) (٢).
____________________
(١) الفتوح لابن أعثم الكوفي ٤ / ٢٣٥ ـ ٢٣٩.
(٢) الإستيعاب ٢ / ٣٥٢ ، الصواعق المحرقة / ١٠٧.