وإحتمال وهم النساخ جارٍ في المقام ، خصوصاً وقد ذكر ابن أبي الحديد في ( شرح النهج ) (١) البيتين الأخيرين مصرّحاً بنسبتهما إلى عبد الله بن عباس ، وتابعه السيّد شرف الدين في ( المراجعات ) (٢) على ذلك ، وأيضاً خلو ما ذكر من أشعار الفضل بن العباس اللهبي من الأبيات المذكورة ، ولا يبعد أن تكون جميعها لعبد الله بن عباس ووهم الراوي أو الناسخ فنسبها إلى الفضل بن عباس لقرب ذكره فيما تقدم له من الشعر في المقام.
ومهما كان الصحيح في نسبة الشعر فإنّه شعر صادق في التعبير عما كان أدخله كتاب ابن عباس ، والشعر الأوّل في نفس معاوية من إنهيار معنوي حتى حلف أن لا يكتب إلى ابن عباس كتاباً سنة كاملة. وأبياته المذكورة تنبئ عن فشله وندامته ولكنه على عادته في المكابرة ختمها بقوله :
فأبرق وأرعد ما استطعت فإنّني |
|
إليك بما يشجيك سبط الأنامل |
أي سخيّ بما يشجيك ، ولم يكن يتوقع أن يأتيه من قبل ابن عباس ما يشجيه هو أيضاً ، ولقد صدقت فراسة عمر بن الخطاب في ابن عباس ومعاوية وعمرو بن العاص حين ذكر نفر عنده معاوية وابن العاص ، فقال لهم : ( أين أنتم عن عبد الله بن عباس؟ فقالوا : والله انّه ـ أي كما ذكرت ـ ولكنهما أذكى سنّاً وأطول تجربة. فقال عمر : إنّ هذا
____________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحيد ١ / ٥٠.
(٢) المراجعات / ٢٨٢.